مصطفى أمجكال يكتب..الكرة ليست أفيون الشعوب كما يقال

إنها ليست مجرد لعبة للتسلية…
إنها ليست أفيون الشعوب كما يقال..
إنها أكبر من ذلك بكثير، إنها لعبة ظاهرها التسلية و الفرجة و جوهرها علاقات جيوسياسية و اقتصادية و توازنات ديبلوماسية و تمظهرات سياحية و ثقافية و مجتمعية… و لعل مونديال قطر بالضبط أفصح عن كل هذه التجليات و كشف عن ما وراء اجراء المباريات.
لقد رأينا كيف خلق مونديال قطر مساحات واسعة للتعارف بين الشعوب و الثقافات، تعارف منضبط بقواعد التواصل و الحوار و الاطلاع على العادات و التقاليد و الاعراف و الدين و الأخلاق.. و ذلك على غير عادة النسخ السابقة التي كان فيها الجمهور مهتم بالتشجيع و الفوز و التأهل او الرجوع بعد اقصاء الفريق.
لكن في قطر رأينا معارض تلقائية للثقافات العالمية. رأينا الدين الاسلامي يتحدث عن نفسه من خلال حسن الاستقبال و جمالية التعريف به و الدعوة إليه دون إكراه. كما رأينا الشعوب تقبل على بعضها بكل احترام و تقدير و رغبة عارمة في معرفة أخبار العالم و ثقافاته المختلفة و ألوانه الموسيقيّة و ازيائه التراثية و مأكولات شعوبه و قبائله المختلفة.. كل هذا كان السبب في نجاحه كرة القدم و حفل المونديال.
كرة القدم اليوم قد تلعب أدوارا دبلوماسية كبيرة في التقريب بين وجهات النظر بين صناع السياسة الدولية و ارباب الاقتصاد العالمي و كبار المستثمرين في عالم المال و الأعمال. إن ما قام الجمهور المغربي مثلا في قطر من إبداع كبير في التعريف بالثقافة و التراث المغربي، و خلق جسور التواصل بين شعوب العالم و سرعة الاندماج مع الجميع، بل و قوة التأثير في الآخر لدرجة اندهاش الكثير من زوار قطر من دول العالم بالمغاربة و المغرب و الاعجاب بتراثه و ثقافته، كل ذلك كفيل بأن يرفع من صورة المغرب في العالم و التسويق له كبلد عريق و كريم تتوفر فيه كل مقومات الأمن و السلام و بالتالي يحقق فرصا للاستثمار و السياحة و تبني قضاياه العادلة.
إنه من الصعب أن يحصل هذا الاجتماع العالمي في رقعة واحدة من سطح كوكبنا الجميل، لكن استطاعت كرة القدم و باستحقاق كبير أن تفعل ذلك.