في ختام هذا اللقاء التواصلي، أكد المنظمون. على أن اختيار محكمة الاستئناف بمراكش عقد هذا اللقاء التواصلي مع الخبراء القضائيين، يأتي في إطار حرصها الدائم على التفاعل مع الدوريات الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وخاصة الدورية عدد 62/21/م.أ.س.ق بتاريخ 29 دجنبر 2021 والمتعلقة بحث السادة المسؤولين القضائيين على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالرفع من النجاعة القضائية.
وفي هذا السياق، استقر النظر على تخصيص هذا اللقاء التواصلي مع السادة الخبراء القضائيين، لدراسة موضوع “الخبرة القضائية كآلية لتحقيق النجاعة القضائية”، نظرا للأهمية التي تكتسبها الخبرة القضائية في تجويد العمل القضائي بما يضمن تعزيز الثقة في القضاء، ويحقق النجاعة القضائية، وذلك انسجاما مع دورية المجلس الأعلى للسلطة القضائية عدد 55/22/م.أ.س.ق بتاريخ 21 دجنبر 2022، والمتعلقة بضرورة التقيد بالضوابط القانونية عند الأمر بالخبرة القضائية.
وعليه، ومن خلال ما تفضل به المتدخلون في هذا اللقاء التواصلي، وما ساهم به مختلف المشاركين، في سبيل تعزيز النقاش القانوني وتدليل مختلف الصعوبات الواقعية والقانونية التي تحد من مساهمة الخبرة القضائية في تحقيق النجاعة القضائية، نخلص إلى حصر التوصيات المنبثقة عن هذا اللقاء العلمي في ما يلي:
أولا: ضبط الإطار التشريعي المنظم للخبرة القضائية:
ضرورة حرص مختلف المتدخلين في مجال الخبرة القضائية على الاطلاع على التنظيم التشريعي الخاص بها، وخاصة:
1- القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين الصادر في 22 يونيو 2001. والمرسوم الصادر تطبيقا له رقم 2824.1.2 بتاريخ 17 يوليوز 2002.
2- قرار وزير العدل رقم 03.1081 بتاريخ 3 يونيو2003، المحدثة بموجبه أنواع الخبرة وتحديد مقاييس التأهيل للتسجيل في جدول الخبراء القضائيين.
3- قانون المسطرة المدنية وخاصة الفصول 59 إلى 66 و 148 و 201 و 205 و 209 و 253 و 256و 334 و 336 و 527.
4- قانون المسطرة الجنائية وخاصة المواد 40 و 49 و 73 و 74 و 89 و من 194 إلى 209.
– الظهير الشريف 177.84.1 الصادر بتاريخ 2 أكتوبر 1984 والمتعلق بحوادث السير ولا سيما الفصل 5 منه.
5- المرسوم رقم 744.84.2 الصادر بتاريخ 14 يناير 1985 المتعلق بجداول تقدير نسب العجز.
ثانيا: التوصيات الخاصة بالهيئة القضائية المكلفة بالبت في النزاع موضوع الخبرة:
1-يتعين قبل اتخاذ قرار الخبرة القضائية كوسيلة للتحقيق في النزاع، التأكد أولا من استيفاء الدعوى لكافة شروطها الشكلية، العامة والخاصة، ومن جدوى وسيلة الخبرة القضائية للفصل في النزاع.
2-الحرص على جودة المقررات القضائية (الأوامر، الأحكام، والقرارات) القاضية بإجراء الخبرة القضائية، وذلك من خلال تحديد كافة البيانات الأساسية التي تساعد على إنجاز الإجراء المأمور به، والنطق بها وهي محررة ومعللة لتفادي هدر الزمن القضائي.
3-تحديد المهمة التقنية والفنية المطلوب التحقيق فيها، بشكل دقيق ومفصل، وبأسلوب سلس واضح، مع الإشارة إلى مختلف الوثائق التي يجب على الخبير التقيد بها وهو بصدد إنجاز مهمته.
4-تحديد اتعاب الخبير وفق ضوابط موضوعية، تراعي حجم المجهود المبذول من طرفه ومتطلبات المهمة المسندة إليه.
5-تفادي اللجوء إلى الخبرات المضادة أو الخبرات الثلاثية إلا عند الضرورة القصوة، وعدم تكليف الخبراء بالتأكد أو إثبات الوقائع المادية أو العناصر التي تعتبر من صميم عمل القاضي.
6-الالتزام قدر الإمكان بالموضوعية في اختيار الخبير، وذلك بمراعاة ما يلي:
أ: الحرص على الاطلاع القبلي على جدول الخبراء في صيغته المحينة قبل الأمر بتعيين الخبير لتفادي بعض الأخطاء، كتعيين الخبراء الموقوفين عن الممارسة، أو الذين أصبحت عناوينهم مجهولة، أو الذين وافتهم المنية؛
ب: التقيد بمقتضيات المادة 17 من القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين عند تعيينهم، وعدم الاستعانة بالخبراء من خارج الجدول إلا عند تحقق شرط الاستثناء، مع إلزامهم بأداء اليمين طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية؛
ت: احترام مبدأ التخصص عند تعيين الخبراء؛
ث: تطبيق مبدأ التناوب بين الخبراء القضائيين احتراما لمبدأ تكافؤ الفرص في ما بينهم؛
7-تتبع تنفيذ المقررات التمهيدية القاضية بالخبرة، وذلك من خلال:
أ: مراقبة إيداع أتعاب الخبير، وتبليغ الأمر بالخبرة إليه وإلى الأطراف أو إلى وكلائهم، وكذا قيام الخبير بالمهمة المسندة إليه خلال الأجل المحدد له، مع الحرص على إبقاء الملف موضوع الخبرة مدرجا بالجلسة؛
ب: البت في الطلبات ذات الصلة بالخبرة خلال الأجل القانوني بالنسبة لطلب التجريح، وداخل الأجل المعقول بالنسبة لباقي الطلبات (طلب التخفيض وطلب الزيادة في الأتعاب، وطلب الاستبدال…) مع ترتيب الجزاءات القانونية المناسبة بشأنها؛
ت: بسط المحكمة رقابتها على خلاصات تقارير الخبرة للتحقق من سلامة الأسس التي بنيت عليها، عن طريق المراقبة القبلية لهذه التقارير فور إيداعها وقبل الأمر بتبليغها للأطراف أو لوكلائهم، وصرف الأتعاب للخبير.
ثالثا: التوصيات الخاصة بتعزيز التواصل بين الخبراء وهيئة المحكمة والإدارة القضائية:
1-يتعين على كل جهة معنية بإنجاز الخبرة، أن تحرص على تفعيل رقابتها على إجراءات ومراحل إنجاز الخبرة، وذلك بإشعار الجهة المختصة بكل أمر من شأنه عرقلة هذا الإنجاز في وقته المحدد.
2-يتعين حرص السادة الخبراء القضائيين على التواصل الدائم مع هيئة المحكمة والإدارة القضائية المكلفة بتتبع إنجاز الخبرة القضائية.
3-يتعين اعتماد وسائل التكنولوجيا الحديثة والمعلوماتية في التواصل بين مختلف الأجهزة المعنية بالخبرة القضائية، واعتماد هذه الوسائل في تبليغ إجراءات الخبرة سواء للأطراف ودفاعهم من أجل أداء أتعاب الخبرة، أو للخبراء لإنجاز المهمة المسندة إليهم، وذلك لتفادي إكراهات التبليغ بالطرق العادية. وفي هذا السياق، يتعين الدعوة إلى إنشاء “منصة الكترونية” ذات حجية قانونية، تمكن المحكمة قبل تعيين الخبير، من الاطلاع على عدد الخبرات المكلف بها، وذلك لتفادي التأخير في إنجاز الخبرة بسبب كثرة المهام.
4-التزام السادة الخبراء القضائيين بتبليغ الجهات المختصة بكل تغيير يطرأ على وضعيتهم المهنية، وبكل تغيير يحصل في المعلومات والبيانات المعرفة بهم كخبراء، وأهمها، العنوان المهني، والبريد الالكتروني، ورقم الهاتف، ورقم الفاكس…
5-التزام السادة الخبراء القضائيين بإشعار المحكمة، في أقرب وقت ممكن، بكل مسألة تعترض إنجازهم للمهمة المسندة إليهم داخل الأجل المحدد لهم، وذلك من أجل تفادي اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة في حقهم.
رابعا: التوصيات الخاصة بإنجاز مهمة الخبرة من طرف السادة الخبراء القضائيين:
1-مبادرة السادة الخبراء إلى التوصل بالأمر التمهيدي، وتفادي رفض التوصل به لأي سبب كان، وخاصة بدعوى عدم كفاية الأتعاب المحددة من طرف المحكمة، أو الاستناد إلى أسباب شخصية، أو كثرة المهام التي يقوم بها الخبير في مجالات أخرى خارج الخبرة القضائية.
2-الحرص على إنجاز المهمة المسندة للخبراء بصفتهم الشخصية، وتفادي تكليف مساعديهم بإنجازها والاكتفاء بتوقيع تقرير الخبرة.
3-الحرص على الشروع في إجراءات الخبرة مباشرة بعد التوصل بالأمر التمهيدي، لاحترام الآجال المحدد لإنجاز الخبرة، وعدم اللجوء إلى طلب تمديد هذه الآجال إلا في حالات استثنائية.
4-التقيد بضرورة احترام الإجراءات القانونية المسطرية والموضوعية في إنجاز الخبرة، وخاصة تلك المتعلقة باستدعاء كافة الأطراف المعنية بالخبرة طبقا للفصل 63 من قانون المسطرة المدنية.
5-عدم إنجاز الخبرة إلا بعد حضور الأطراف ووكلائهم أو التأكد من توصلهم بالاستدعاء بصفة قانونية، ما لم تأمر المحكمة بخلاف ذلك إذا تبين لها توفر حالة استعجال.
6-تفادي إنجاز تقارير غير منتجة في حل النزاع المعروض على المحكمة، وفي هذا الإطار يتعين:
أ-عدم إنجاز تقارير ناقصة بإغفال الجواب عن النقط المحددة للخبير في الأمر التمهيدي، أو اتسام الجواب عنها بعدم الدقة، أو افتقاره للموضوعية.
ب-تقيد السادة الخبراء القضائيين بقرارات المحكمة القاضية بإرجاع التقرير إلى الخبير من أجل إكمال المهمة المسندة إليه، أو عند استدعائه للحضور أمامها من أجل تقديم بعض البيانات والتوضيحات الضرورية للفصل في النزاع.
خامسا: التوصيات التنظيمية من أجل خبرة قضائية أكثر فاعلية في تحقيق النجاعة القضائية:
يتعين في هذا الصدد القيام بما يلي:
-إخضاع السادة الخبراء، بعد تسجيلهم بالجدول، لتدريب وتكوين في القانون المتعلق بالخبراء القضائيين، وفي كافة المقتضيات القانونية المؤطرة والمحددة لكيفية إجراء الخبرة القضائية، وذلك بغاية التمكن من مختلف الإجراءات الشكلية والموضوعية التي يتعين على الخبير احترامها وهو بصدد إنجاز مهمة الخبرة، وخاصة المواد والفصول ذات الصلة في قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية، وفي القوانين الخاصة.
-انفتاح السادة الخبراء على تكوينات عامة وخاصة، من أجل تطوير مهاراتهم في مجالات الخبرة المرتبطة ببعض النزاعات المتطورة، كتلك المرتبطة بالحامض النووي، أو الوقاية من الأشعة النووية، أو المواصلات السلكية واللاسلكية، أو الأرصاد الجوية، أو النشر والإعلام، أو المجال الرياضي.
-إحداث مؤسسة جهوية للخبراء القضائيين تجمع مختلف الخبراء، ومن مختلف التخصصات والفروع، تكون هي المخاطب الوحيد في شؤون الخبرة، والشريك الأساسي في تكوين وتأطير الخبراء القضائيين.
– المداومة على تنظيم ندوات حول الخبرة القضائية على المستوى الجهوي بمشاركة من الخبراء والهيئات القضائية والإدارية المعنية بها.
-التنويه بتقارير الخبرة المتميزة والمتسمة بالدقة والموضوعية، والتي بذل فيها مجهود استثنائي، وتشجيع الخبراء الذين أنجزوها، وسن تقليد اختيار الخبير أو الخبراء المثاليين وتكريمهم.