تصوير عبد الصادق بومكاي: هذا الموعد الذي دأب مهرجان مدينة موغادور على تنظيمه كل سنة، والذي أصبح تقليدا يحظى بمتابعة محبي الإيقاعات الفنية المتنوعة، أبدع هذه المرة في تجسيد الفن بصيغة الجمع شدّت انتباه الجمهور لما يقارب خمس ساعات أمام سمفوينة مذهلة لمعلمي كناوة وموسيقين عالميين.
وكانت البداية مع المعلم محمد بومزوغ، أحد المواهب الصاعدة في الفن الكناوي، الذي انجذب إليه وهو في سن الثانية عشرة منذ الدورة الأولى لمهرجان كناوة وموسيقى العالم. وانطلقت رحلةُ المعلم الكناوية من مهرجان الصويرة، لتمنحه اليوم مشاركة لافتة استهوت عشاق التراث الكناوي.
ومن الولايات المتحدة الأمريكية، قدم الأخوان بريكر وهما عازف الترومبيت راندي بريكر بصحبة أخيه عازف الساكسفون مايكل بريكر، باقة موسيقية متنوعة. وقد عُرفا بعملهما على التجديد والابتكار الموسيقي من خلال مزج هارمونيات الجاز بالعزف الصاخب وإيقاعات الفانك، في طاقة فنية تلامس حدود الروك.
كيمياءُ مزج موسيقي آخر، قادها مايسترو منصة مولاي الحسن، في هذه الليلة الماتعة، المعلم محمد فافي، الملقب بكويو، رفقة عازفين على آلة الساكسفون من فنانين دائمي البحث عن أصوات جديدة من مختلف القارات وعن إيقاعات وتقنيات فنية جديدة.
ومن المغرب ومالي واسبانيا وفرنسا، أبدع إلى جانب المعلم كويو، عازف الإيقاع غاني كريجة، المعروف بقدرته الكبيرة على إتقان أصناف متنوعة من الإيقاعات من أندلسي وعربي وإفريقي ولاتيني أصيل، غيمبا كوياطي، المؤلف والملحن والعازف على آلة ديجلي نغوني، الذي سافر بجمهور الصويرة بسلاسة عبر ألوان موسيقية عديدة.
كما شارك في هذه الرحلة الموسيقية العابرة للمحيط، عازف الإيقاعات جون غراند كامب، المؤلف الموسيقي الذي أخذ بسحر إيقاعه فضاء المنصة إلى سفر لاستكشاف مختلف الروافد الصوتية من البلوز إلى الروك، ومن الإيقاعات الملتهبة والنارية ذات المنشأ الإفريقي، مرورا بموسيقى العالم.
واكتملت هذه التوليفة الموسيقية بسحر آلة الترومبيت الكلاسيكية، لصاحبها حمزة بناني (HBS Trumpet)، الملحن المغربي المولع بالجاز وموسيقى العالم، إلى جانب الموسيقي ومنتج ومهندس الصوت، مهدي شايب، العازف على آلة الساكسوفون. فنانون متعددو المواهب، أحيوا ليلة إبداع موسيقي مزجت بين بديع الألحان وعمق الموسيقى وسحر الكلمات.
وفي أغان وابتهالات نهلت من التراث المغربي الذي يغني للأرض ومن أجل الإنسان طلبا للخير ولرحمة الله، لم تخل طيلة ساعة من السفر الموسيقي من ترديد “لا إله إلا الله” هذه اللازمة الروحية، التي اهتز على إيقاعها الجمهور المستمتع بسمفونية قراقب تكناويت، التي رافقتها تعبيرات جسدية ورقصات، في طقوس كناوية حلّقت عاليا بجمهور الصويرة.
وكان مسك ختام هذه الأمسية البديعة، رسالة سلام ومحبة وتسامح، غنّى من أجلها فنان الراب الفلسطيني، سان لوفون، الذي هبّ من أجله عدد غفير من شباب وشابات جمهور مهرجان الصويرة، الذي رحب بشاب يحمل معه القدس إلى مسارح ومنصات العالم.
وغنى الشاب سان لوفون، الحامل لروح الصمود، بصوته العذب، لفلسطين وللقدس، أشعارا وقصائد ملحنة، على إيقاع جمع بين الألحان الشرقية بالآرأند بي والهيب هوب.
وجدير بالذكر أن الدورة الـ 25 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي يضيء سماء مدينة الرياح، تستضيف 400 فنان سيحيون ما مجموعه 53 حفلا موسيقيا، ضمن أجندة مواعيد موسيقية متنوعة، تقترح على الجمهور مجموعة واسعة من الإيقاعات الموسيقية النوعية.