ترامب وهاريس يسابقان الزمن لكسب الأصوات موعد الانتخابات
قبل يوم من موعد الانتخابات الأمريكية، تظهر نتائج استطلاعات الرأي تقاربا كبيرا بين كامالا وهاريس ودونالد ترامب، ما سيمنح الولايات المتأرجحة أهمية قصوى أكثر مما كانت تلعبه في الدورات السابقة.
تستهدف كامالا هاريس منطقة « حزام الصدأ » أمي الأحد (الثالث من نوفمبر 2024)، بينما يتوجّه دونالد ترامب إلى كبرى الولايات الحاسمة في مسعى أخير لكسب الأصوات قبل موعد الانتخابات التي تشهد تقاربا تاريخيا في التأييد.
وصوّت 75 مليون شخص مبكرا قبل ذروة الثلاثاء في وقت تظهر الاستطلاعات تعادل نتائج المرشحين في هذه المرحلة إلى حد غير مسبوق. وحتى مساء أمس السبت، لم يحقق أي من المرشحين هامشا أكبر من ثلاث نقاط في أي من الولايات السبع المتأرجخة التي يتوقع أن تحسم النتيجة، وفق معدلات نتائج الاستطلاع الصادرة عن « ريل كلير بوليتيكس ».
وتعتزم هاريس الساعية لكسب التأييد في ولايات البحيرات الكبرى التي تعد أساسية بالنسبة للديموقراطيين، قضاء النهار في ميشيغان، بدءا من ديترويت قبل التوقف في بونتياك وإقامة تجمّع انتخابي مساء في جامعة ولاية ميشيغان.
في المقابل، يشمل جدول أعمال ترامب ليوم الأحد، جولة في بنسلفانيا وكارولاينا الشمالية وجورجيا التي يعد الفوز فيها مكسبا في غاية الأهمية في إطار نظام « المجمع الانتخابي » الذي يعطي النفوذ للولايات بحسب عدد سكانها. ويسعى الرئيس السابق البالغ 78 عاما لصرف الأنظار عمّا جرى خلال تجمّع انتخابي أقامه في قاعة « ماديسون سكوير غاردن » في نيويورك حيث قلل متحدثون من شأن اللاتينيين والنساء عبر تصريحات عنصرية ومنحازة جنسيا. ورغم أن أيا من الفعاليات المدرجة على جدول أعمال ترامب لن تقام في مناطق تضم عددا كبيرا من السكان اللاتينيين، إلا أن بنسلفانيا هي الولاية الحاسمة التي تضم أكبر عدد من البورتوريكيين، وهي فئة أثارت التصريحات الصادرة خلال تجمّع نيويورك حفيظتها بشكل خاص.
هاريس تكثف حضورها الإعلامي
وتعد ميشيغان واحدة من الولايات السبع الحاسمة التي تجري متابعة التطورات فيها عن كثب، خاصة وأن ترامب كان قد نجح في كسب تأييد الولاية التي كانت معقلا للديموقراطيين سابقا عندما هزم هيلاري كلينتون عام 2016. وأعادها الرئيس جو بايدن إلى صف الديموقراطيين عام 2020، بدعم من العمال النقابيين وجالية كبيرة من الأميركيين المتحدرين من أصول إفريقية.
لكن هاريس تواجه هذه المرة خطر خسارة تأييد جالية أميركية عربية تعد 200 ألف نسمة نددت بطريقة تعاطي بايدن مع حرب غزة. وأشارت مراكز الاستطلاع إلى تراجع تأييد السود للمرشحة الديموقراطية، فيما يقر مساعدو هاريس بأنه ما زال عليهم بذل الكثير من الجهود لدفع ما يكفي من الرجال الأميركيين من أصل إفريقي لدعم هاريس كما كان الحال مع بايدن في 2020.
وفي مسعى لتجاوز قاعدة مؤيديها التقليدية، اختتمت هاريس يوم حملتها السبت بظهور مفاجئ على برنامج « ساترداي نايت لايف » حيث سخرت من منافسها ترامب. وقالت نائبة الرئيس الأميركي « أبقوا كامالا وامضوا قدما جميعا ».
وحجزت حملة هاريس التي تسعى إلى الظهور على التلفزيون بأكبر قدر ممكن مساحة لمدة دقيقتين من البث الأحد أثناء مباريات كرة القدم، بما في ذلك خلال مباراة بين فريقين في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية من ولايتين حاسمتين: غرين باي باكرز (ويسكنسون) وديترويت لاينز (ميشيغان).
تتعهّد هاريس في الإعلان بأن تكون « رئيسة لجميع الأميركيين » وتعد « ببناء مستقبل أكبر لأمّتنا ». بينما أفادت حملتها بأن « أبحاث الحملة تظهر أن الأسبوع الماضي أثبت أنه حاسم في ترسيخ الخيار في هذه الانتخابات لدى الناخبين الذين لم يحسموا قرارهم بعد وأولئك الأقل استعدادا » للتصويت. وأضافت أن « مشهد المرافعة الختامية في ماديسون سكوير غاردن مقابل ذي إيلابس اخترق ووضّح الخيار بالنسبة لهذه الشريحة من الناخبين ».
وتلقت هاريس (60 عاما) دفعة إلى الأمام السبت عندما أظهر استطلاع لصحيفة « دي موين ريجستر » قبل يوم الانتخابات والذي يعد مقياسا يمكن الوثوق به للجو العام، تقدم هاريس في ولاية آيوا التي فاز فيها ترامب بسهولة في 2016 و2020. وتقدّمت بثلاث نقاط في الاستطلاع بعدما كانت متخلفة عن ترامب بأربع نقاط في سبتمبر.
الولايات المتأرجحة
ويبقى الاقتصاد القضية الأولى لدى الناخبين، خاصة وأن الاقتصاد الأمريكي سجل أرقاما إيجابية بنمو الناتج المحلي بنسبة 2,8 بالمائة خلال الربع الثالث من العام الحالي، وفقا لبيانات وزارة التجارة الأمريكية الصادرة الأسبوع الماضي. كما اقترب معدل البطالة من أقل مستوياته. وارتفعت سوق الأسهم إلى مستوى قياسي، كما تراجع معدل التضخم. جميع هذه المؤشرات تقول إن الاقتصاد الأمريكي « في حالة جيدة ». وقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال المرموقة عنوانا يقول « الرئيس المقبل سيرث اقتصادا مميزا ».
وفي تحليل نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي يقول جيمس إم ليندساي أستاذ العلوم السياسية الأمريكي والنائب الأول لرئيس مجلس العلاقات الخارجية ومدير الدراسات وكرسي موريس آر غرينبرغ في المجلس، إنه من النظرة الأولى يمكن القول إن كامالا هاريس قد تستفيد من هذه المعطيات. بيد أن غالبية الأمريكيين يرون اقتصاد بلادهم هذه الفترة بشكل مختلف. فنتائج استطلاعات الرأي أفرزت أن الغالبية ترى أن « الاقتصاد في حالة سيئة »، وأن البلاد « تمضي في الاتجاه الخطأ ». وهذا الأمر يفسر سبب استمرار حدة التنافس في الانتخابات حتى قبيل التصويت يوم غد الثلاثاء.
أضف إلى ذلك حقيقة أن الناخبين المتأرجين غالبا ما يصوتون لصالح المنافس في الأيام الأخيرة من الانتخابات، ومن السهل أن نرى لماذا يعتقد فريق ترامب أنه سيصبح أول رئيس منذ غروفر كليفلاند قبل 132 عاما يفوز بفترتين غير متتاليتين بالمنصب.
اليوم لا أحد يعرف، هل سيكون عام 2024 تكرارا لسيناريو عامي 2016 و2020 أم لعام 2022. والمعروف أن معظم مراكز وخبراء استطلاعات الرأي كانوا مشغولين في هذه الفترة بتعديل منهجياتهم لتصحيح أخطائهم السابقة. وقد يكونون قد أصلحوا الأمور بشكل أو بآخر هذه المرة، ولكن ربما يكونون قد تسببوا في مشكلات جديدة عندما أصلحوا مشكلة واحدة. كما أن نتائج استطلاعات الرأي تأتي دائما بهامش خطأ. وكل أرقام استطلاعات الرأي الحالية فيالولايات المتأرجحة تقع ضمن هامش الخطأ.
و نظرا لأن نظام المجمع الانتخابي يعطي الفائز بالأغلبية المطلقة في أي ولاية بكل أصواتها في المجمع الانتخابي باستثناء ولايتين فقط، فإنه حتى الأخطاء الطفيفة في استطلاعات الرأي قد تعني نتيجة انتخابية غير متوازنة.
ويعني هذا أن كل شيء وارد في الانتخابات المقبلة. فقد يسفر التصويت عن فوز هاريس أو ترامب بكل الولايات المتأرجحة وبالتالي يصبح فوز الفائز منهما واضحا ومقنعا في المجمع الانتخابي. وقد تكون الأصوات متقاربة بشدة بحيث تكون عمليات إعادة حصر الأصوات أو اللجوء إلى القضاء حتمي لحسم النتيجة، وبالتالي يمكن أن تجد الولايات المتحدة نفسها في نزاع سياسي وقانوني مستمر وأكثر حدّة عما حدث عام 2020.