24 ساعةسلايدرسياسةمجتمع

سُقوط حكومة أخنوش بمصاهرة طرفي الأغلبية

قرأة تحليلية-عندما ترتفع حرارة الجسم بسبب الحمى يبدأ الإنسان بالهديان فلا يدري بذلك مايقول وما يفعل ، فيصف له الطبيب الدواء يستعمله عن طريق الفم أو تحاميل “قويلبات”لكي تنخفض حرارة الجسم و يعود إلى جادة الصواب ، و لأن حمى السياسة إرتفعت هذه الأيام وفاقت درجتها ° 40 مما قد يشكل خطرا على الجسم السياسي وتنتقل تداعياتها إلى الجسم المدني بما يعيق التنمية المنشودة … إرتأينا أن نجري فحصا وتحليلا سياسيا دقيقا على مستوى الساحة السياسية و تمظهراتها الأخيرة مع الحفاظ على بعض خصوصيات اللعبة التي سنستدعيها فيما بعد لمختبر التشىريح السياسي، سعيا منا إلى وصف دواء يستعمل عبر طريقة واحدة ..
إذا كان الكل يجمع أننا أمام رهان كبير يتعلق بإنجاح نسخة مونديال 2030 واستثمار هذا الحدث التاريخي من أجل إقلاع إقتصادي وإجتماعي يقفز بالمملكة المغربية إلى مصاف الدول المتقدمة ، فالكل يجمع كذلك على أن ما ذكرناه لن يتأتى إلا بسبع أسس ضرورية وليست السبع العجاف اول هذه الاسس جبهة داخلية متماسكة و متآزرة ثانيها نخبة سياسية وطنية مؤهلة ثالثها إدارة ذكية فيما الرابعة تكمن في إلتقائية سياسة عمومية واضحة .
5إمتداد تنموي جهوي و وطني لأوراش المدن الحاضنة لمباريات المونديال  تم  بنية إقتصادية قوية غير مرتبطة بالمونديال في الزمن.
وكذا تفعيل آليات ربط المسؤولية بالمحاسبة ومبدأ الحكامة الجيدة.

إن أعظم النعم التي من الله بها على المغرب هي نعمة الأمن و الإستقرار ، مما جعله دائما محط أنظار كبار الشركات العالمية في جميع المجالات الصناعية ، التجارية والخدماتية، مما مكنه من إبرام عدة إتفاقيات شراكة مع دول عالمية بمنطق رابح رابح آخرها الشراكة المغربية الفرنسية.
نعم إنه مغرب اليوم الذي يمشي بخطى ثابتة لتكريس موقعه ضمن الدول الصاعدة برؤيا طويلة المدى تنهل من تاريخ مملكة الإثنى عشر قرنا .
فهل هذه المرتكزات التي ذكرناها تعيها النخب السياسية المغربية ؟
إن مفهوم السياسة بجميع مفاهيمه يعبر على الإصلاح وليس الفساد ، ويعبر على التنمية وليس البلوكاج، يعبر على العلم وليس الجهل ، فغريب أن نجد ساسة المغرب يسبحون عكس تيار و توجه الدولة ونحن في ظرف ساسي وتنموي لا يقبل المزايدات التي تحمل في طياتها مصالح شخصية و حزبية ضيقة ، فقد لاحظ الجميع أنه على غير العادة دخلت الأحزاب السياسية المغربية معترك الحملات الإنتخابية مبكرا ( خاصة بجهة مراكش أسفي ) و دون أي ترتيبات مسبقة :
1. هياكل تنظيمية فاعلة.
2. خطة سياسية وبرنامج عمل مستقبلي محكم.
3. نخب سياسية في مستوى الرهانات المستقبلية للدولة.
مما يجعلها معرضة للوقوع في حالة شرود يرفع رايته حكم السياسة بالمغرب، لأن رهان المونديال هو مستقبل دولة ، ومواكبة تنزيل مشاريعه و سياساته سيكون بحكومة كفاءات ترفع من التنمية الإقتصادية وتحافظ على السلم الإجتماعي، ومجالس بنخب سياسية شابة قريبة من المواطنين ولا تعتريها شبه الفساد ، وليس بأضغاث أحلام بعض السياسيين ..
فلماذا هذا التسرع غير المفهوم و غير المقبول ؟
يقول المثل ليس هناك دخان بدون نار ، وليس هناك صراخ بدون ألم
إن التحالف السري الذي عقده عزيز أخنوش بعدة أحزاب تحت غطاء حزب الحركة الشعبية G5 من أجل ضمان أغلبية حكومية مريحة دون حزب الأصالة والمعاصرة في حكومة 2026 ( لأسباب نشرحه في مقال خاص ) أو إحداث بلوكاج سياسي مثيل بلوكاج 2016 يجعل أخنوش يفاوض سياسيا بأريحية مطلقة، هذا الإتفاق السري الذي نسج في ظلام دامس إلتقطته إستخبارات فاطمة الزهراء المنصوري فأسرته بدورها في أذن نزار البركة كي يرفعوا أسلحتهم السياسية ( برلمانيي الحزبين) في وجه الحكومة التي يكونون أغلبيتها التي أقرب إلى الانهيار من الداخل وليس من الخارج كما كان متوقعا …
هذا التسريب السري دفع المنصوري إلى تغيير سرعة التراكتور ووضعها في سرعة 2026 ، حيث تسارع الزمن من أجل تسييج الحزب بأسلاك حديدية محكمة الإغلاق خوفا من الإستقطابات السياسية للأحرار و الحركة الشعبية ، ولأن هذا لن يجدي نفعا لكون الفاعل السياسي بطبعه تحكمه الأطماع و الطموحات فقد خرجت المنصوري لتأكد على أن حزبها سيعتلي كرسي رئاسة الحكومة وكذلك نزارالبركة فعل.
وعلى عكس نزار البركة، رفعت المنصوري من تحركها السياسي وانتقلت إلى الميدان مستعينة بالمحركات القوية ( سمير كودار، محمد الحموتي والعربي المحرشي ) من أجل تحصين الحزب وذلك عبر عقد لقاءات جهوية مع كوادر الحزب بالجهات ، وبما أن جهة مراكش أسفي هي قلعة البام ومهد تأسيسه ، و خروج حديث و تأكيدات على إلتحاق الحبيب بن الطالب بحزب الحركة الشعبية (تفعيلا للخطة السياسية التي أشرنا إليها ، حيث كان بنطالب في تنسيق دائم مع حزب التجمع الوطني للأحرار ..) ولأن قوة بن الطالب الإنتخابية تعرفها فاطمة الزهراء المنصوري جيدا ،وخوفا من جر بساط الجهة من تحت قدميها ، سارعت لعقد اجتماع تواصلي مع رؤساء الجماعات الترابية و برلمانييها ، هذا اللقاء الذي قد نسميه لقاء تأكيد بامية البرلماني هشام المهاجري الذي إستأثر ب 13% من الصور المأخوذة من اللقاء، مرسلة بذلك رسالتين واضحتين لمن يهمهم الأمر:
الرسالة الأولى : أن المهاجري لازال في أحضان البام، لأن التراكتور بفقدان المهاجري و بن الطالب سيفقد عجلتيه الخلفيتين .
الرسالة الثانية : تهديد لأخنوش بإسقاط الحكومة عن طريق صوت المعارضة ( المهاجري )
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ، هل المهاجري سينسى غدر الإخوة وإهمال الماضي و يبدأ صفحة جديدة بضمانة وعرض استوزاري من فاطمة الزهراء المنصوري، أم أنه سيفضل العرض الآخر…
أم أن الأحزاب الثلاثة ستعقد لقاء تفاهم لتأجيل الصراعات السياسية إلى السنة المقبلة ، حفاظا على الزمن التنموي للبلاد.
أسئلة و أخرى سنجيب عنها في مقالات قادمة ، سعيا منا إلى إغناء النقاش السياسي ، بكل تجرد مع الحفاظ على نفس المسافة من جميع الأحزاب السياسية المغربية لإيماننا الراسخ بالتعددية الحزبية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى