24 ساعةUncategorizedمجتمع

مراكش بين ازدهار السياحة وشبح البطالة: من يتحمل المسؤولية؟

وهيـــــــــــب اليتربــــــــــي/مراكش، المدينة الحمراء، القلب النابض للسياحة المغربية، تستقبل ملايين السياح سنويًا، تزدهر شوارعها بالزوار، وتمتلئ فنادقها بالمسافرين من مختلف أنحاء العالم، ومع ذلك، وسط هذا الوهج السياحي، يعاني أبناء المدينة من أزمة بطالة خانقة، كيف يعقل أن تكون مراكش من أكثر المدن استقطابًا للأموال والاستثمارات، بينما يكافح شبابها لإيجاد عمل يضمن لهم حياة كريمة؟ أين تذهب هذه العائدات الضخمة؟ ومن المسؤول عن هذا الخلل الفادح؟

رغم تسجيل مراكش لأكثر من أربعة ملايين سائح في 2024 وتحقيقها اثني عشر مليون ليلة مبيت، فإن المدينة لا تزال تعاني من معدلات بطالة مرتفعة خاصة بين الشباب، الفرص المتاحة تتركز في القطاع السياحي الهش الذي يتأثر بأي أزمة عالمية أو محلية، الوظائف في هذا المجال موسمية، غير مستقرة، لا توفر الحماية الاجتماعية ولا ضمانات الاستمرارية، بينما القطاعات الأخرى شبه منعدمة، لا استثمارات حقيقية في التكنولوجيا، لا صناعات قوية، ولا مشاريع تنموية توفر وظائف ثابتة، المسؤولون المحليون يتغنون بنجاحات المدينة في جذب السياح لكنهم يتجاهلون معاناة سكانها، لا خطط فعلية لتنويع الاقتصاد، لا دعم للشباب لإطلاق مشاريعهم الخاصة، ولا حتى تكوينات مهنية تتناسب مع متطلبات سوق العمل الحديث

المفارقة الكبرى أن مراكش من أغنى المدن المغربية من حيث المداخيل السياحية والاستثمارات الفندقية، لكنها من أكثر المدن التي تعاني من البطالة المقنعة، حيث يضطر الشباب إلى الاشتغال في وظائف غير رسمية، بمدخول هزيل، ودون أي أفق مستقبلي، في ظل غياب سياسات اقتصادية واضحة، ما يجعل المدينة رهينة قطاع واحد، يكفي أن تتراجع حركة السياحة لأي سبب حتى تنفجر الأزمة من جديد

إلى متى سيستمر هذا النزيف؟ إلى متى ستبقى ثروات مراكش تستفيد منها فئة قليلة بينما يعاني أبناؤها من البطالة والتهميش؟ إذا لم يتحرك المسؤولون لوضع سياسات اقتصادية حقيقية تعزز قطاعات أخرى مثل التكنولوجيا، الخدمات، والصناعات الإبداعية، فإن المدينة ستظل رهينة الأزمات، الحل ليس مستحيلاً، لكن يتطلب إرادة حقيقية، رؤية واضحة، وقرارات جريئة تعطي الأولوية لسكان المدينة بدل الاستمرار في بيع وهم السياحة كمصدر وحيد للاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى