
ملف-نسلط الضوء في هذا الملف الخاص على احدى ، المدن الجديدة ، مدينة تامنصورت او كما يحلو أن يسميها أهلها ” تامقهورت” المدينة التي تتنفس “البدو” بضاحية مراكش.
المدينة القرية التي تأسست في خضم ظهور الاقطاب الحضرية الجديدة كتامنصورت تامسنا وغيرها ومن المدن المجهرية، التي كان يروم منها امتصاص ضغط الحواضر المليونية كما هو الشأن بالنسبة لمدينة مراكش ، الا ان هذا الهدف اصطدم بواقع يزيد من مرارة الانتظار وتمتص من فرص المدينة الام مراكش حيت تزيد من حاجيات النقل والتنقل ، التطبيب فرص الشغل ، المرافق الحيوية وغيرها ….
وتعتبر المدينة القرية تامنصورت، نموذجًا صارخًا للإهمال التنموي والسياسي ، بالرغم من قربهاوموقعها الاستراتيجي كضاحية مراكش.
وانتقلت تمنصورت من المدينة الفرصة الى قرية المخاطر حيت لم تمتص ذلك الضغط ، بل تحولت إلى منطقة تعاني من التخلف والفوضى العمرانية، حيث تختلط مظاهر العشوائية وحياة البدو ، مما يعيق جهود التنمية المرجوة.
تمنصورت تسير بسرعتين : البلوكاج والتقهقر
بعد مرور أزيد من ثلاثة سنوات على عمر المجلس الجماعي لتامنصورت ، لم تبارح المشاحنات والصراعات السياسية ، كراسي الدورة الاولى المخصصة لانتخاب الرئيس الجديد للجماعة ، الذي كان يُرى فيه” الرئيس المنتظر” للجماعة او المدينة الذي سيخرجها من ظلمات التهميش الى نور الحياة ونعيم الرفاهية، غير ان هذه الانتظارات لاتزال معلقة بين ظمائر المنتخبين.
وكان من المفترض أن يكون قرب تامنصورت من مراكش فرصة لتحقيق التنمية الحضرية، إلا أن هذا القرب تحول إلى نقمة بسبب الهجرة القروية والتوسع العمراني غير المنظم، أدى ذلك إلى ظهور مشاكل اجتماعية واقتصادية حادة، مثل البطالة وسوء البنية التحتية، وغياب المرافق الأساسية كفضاءات الترفيه والرياضة. هذه الظروف تجعل الشباب عرضة لتأثيرات عصابات المخدرات التي تنتشر في العديد من الأحياء والدواوير، رغم الجهود الأمنية التي تبذلها عناصر الدرك الملكي، إلا أن الوضع يبقى مقلقًا بسبب نقص الموارد البشرية والمادية.

بالرغم من الكثافة السكانية التي تصل إلى 105 آلاف نسمة بين حربيل وتامنصورت مجتمعنين ، لم تواكب الخدمات الاساسية ، هذا التطور الملحوظ في تعداد السكان ، ولم تترجم سياسات محلية على أرض الواقع ، وضلت في خانة شد الحبل.
ويعيش سكان العديد من الأحياء في بتامنصورت عزلة تامة بسبب غياب وسائل النقل العمومي وعدم توفر المرافق الحيوية المافية كما أن ناهيك عن تحول عدد من المشاريع الحيوية الى اضغاط احلام ، كالنوات الجامعية المقرر انجازها على مساحة تناهز 140 هكتار تشكل تخصصات جامعية. من شأنها تخفيف العبئ على مدرجات القاضي عياض .
أما باقي القطاعات تنطبق عليها مقولة ” بحال القرع فينما تضرب كيسيل دمو” ، حيت يعاني القطاع الصحي من نقص حاد في الخدمات الاساسية، حيث النسيان يطارد مشروع المستشفى الإقليمي لسنوات ، ما يدفع الساكنة المرضى من رحلة الشتاء والصيف نحو مدينة مراكش ، “لي ماقدو فيل زادوه فيلة” .
وما يزيد من المعاناة اليومية تاخر مشروع ربط تامنصورت بمراكش عبر طريق ثانية لتخفيف الضغط عن الطريق الوطنية رقم 7 المشروع الذي لا يزال مجرد احلام، في الوقت الذي تصنف الطريق المذكورة ضمن طرقات الموت.
أنماط البدو وأحزمة العشوائية
على الرغم من مسماها ” المدينة الجديدة” الا أنها تعيش مشاهد الأزل من خلال انتشار أحياء ودواوير تعاني من الفوضى والتلوث العمراني ، حيث مزيج بين المباني الاسمنتية الشاهقة والمباني العشوائية المنتشرة بين حقول النخيل المشبعة ، بالنفايات البلاستيكية ، كأنها مطارح ممتدة على رؤية العين.
مظاهر العشوائية هذه تفتقر الى تخطيط حضري وتوحيد معماري وفق ضوابط متعارف عليها بعيدا عن الضجيج العمراني غير المنظم.
هذه المشاهد ، التي لا تصر الناظرين و هذه المواقع المهجورة أضحت مسرحًا للتجمعات المشبوهة وترويج المخدرات، مما يهدد سلامة المارة، خاصة النساء وكبار السن والتلاميذ كما أن انعدام الإنارة العمومية في العديد من الأحياء يزيد من خطورة الوضع.
هذه المظاهر وغيرها من المشاهد تُنذر بأزمة بيئية حادة بسبب انتشار المطارح العشوائية للنفايات، مما يشوه المنظر العام ويعرض صحة السكان للخطر، فشل المجلس الجماعي لم يتوقف عند حد ايجاد الحلول للبنيات الاساسية والمرافق ، بل فشل ايضا في تدبير قطاع النظافة.
ويرى عدد من المتتبعين ان المجلس الجماعي الحالي أظهر براعته في سوء التدبير الاداري المحلي دون تحقيق أي نتائج تنموية ملموسة ، ومن بين الأمثلة الصارخة سوء التدبير ، كراء مقر جديد للجماعة بمبلغ 37 ألف درهم شهريًا، والذي تحول إلى “مقر شبح” دون أي استفادة فعلية منه.
كما أن تأخر منح الرخص الاقتصادية والبناء لفترات طويلة يعيق الاستثمار ويؤدي إلى هدر فرص العمل.
وكان المتتبع للشان المحلي ومدبري الشان العام يُعولون على تمنصورت لتصبح “موديل” للمدن الجديدة، والتي تحولت لمعرض مفتوح واروقة للإهمال وسوء التدبير و غياب الرؤية الاستراتيجية.
وبدا واضحا ، أن نصف الحل ونصف التنمية ، يكمنان في فك طلاسيم البلوكاج السياسي الذي يعيق التنمية فهل ستتدخل السلطات المختصة التي ستنظر بعين العطف لرعايا جلالة الملك بمدينة تامنصورت.
مشاهد التقطتها مراكش بوست