
وهيــــــب اليتريبــــــــي/ في أحد أحياء مراكش العريقة وبين دروبها التي تحمل عبق التاريخ نشأت طفلة لم تكن تعلم أن الكلمة ستصبح سلاحها الأقوى كانت مليكة العاصمي منذ صغرها مأخوذة بالكتب والشعر تراقب تفاصيل مدينتها التي ستصبح لاحقًا جزءًا من إلهامها الأدبي والسياسي
كبرت العاصمي في مرحلة حساسة من تاريخ المغرب حيث كان الاستقلال حديث العهد والتطلعات نحو التغيير كبيرة في ذلك الجو المشحون بالتحولات وجدت في الكتابة صوتًا يعبر عن قلقها وأسئلتها لم يكن الشعر بالنسبة لها مجرد ترف جمالي بل كان فعلًا نضاليًا يحمل قضايا المجتمع والمرأة والمظلومين
منذ أواخر الستينيات بدأت مليكة العاصمي في نشر قصائدها مستعملة لغة حداثية تمزج بين العمق الرمزي والوضوح النضالي لم تكن قصائدها تدور حول الذات فقط بل تجاوزتها إلى القضايا الكبرى الحرية العدالة الاجتماعية وحقوق المرأة
في سبعينيات القرن الماضي أصدرت ديوانها الأول كتابات خارج أسوار العالم وكان بمثابة إعلان لموقفها الرافض للقيود سواء كانت اجتماعية أو سياسية مع كل ديوان جديد كانت تؤكد أنها شاعرة لا تفصل بين الإبداع والموقف بين الكلمة والمسؤولية
لكن النضال لم يكن يقتصر على الورق فقد قررت العاصمي أن تخوض معركة أخرى على أرض الواقع انخرطت في حزب الاستقلال الحزب العريق الذي لعب دورًا محوريًا في استقلال المغرب وعُرفت بمواقفها الجريئة داخل صفوفه لم تكن مجرد عضو عادي بل كانت من النساء اللواتي دافعن عن ضرورة تمكين المرأة سياسيًا وإعطائها دورًا فاعلًا داخل الحزب والمجتمع
بفضل إصرارها تمكنت العاصمي من الوصول إلى مواقع المسؤولية حيث شغلت منصب مستشارة جماعية في مجلس مدينة مراكش في هذه التجربة لم تتخلَّ عن مواقفها بل ظلت تدافع عن القضايا الثقافية والاجتماعية وتطالب بتحسين أوضاع المدينة التي نشأت فيها
لم يكن الطريق سهلًا فالعمل السياسي خاصة بالنسبة للنساء في تلك المرحلة كان مليئًا بالعراقيل لكن العاصمي استطاعت أن تفرض نفسها بفضل شخصيتها القوية وقناعاتها الراسخة
اليوم حين يُذكر اسم مليكة العاصمي يتذكر المغاربة شاعرة لم تكن قصائدها مجرد أبيات بل كانت صرخات في وجه الظلم ويتذكرون سياسية جعلت من النضال جزءًا من هويتها بين الشعر والسياسة تركت العاصمي بصمتها في تاريخ المغرب الحديث وظلت كلماتها شاهدة على زمن كانت فيه الكلمة بداية لكل مقاومة.
حفظ الله الأستاذة الفاضلة لالة مليكة العاصمي