
عبد الكريم علاوي –في خطوة لم تخلُ من رسائل سياسية عميقة، أعاد حزب العدالة والتنمية انتخاب عبد الإله بنكيران أميناً عاماً خلال مؤتمره الوطني الأخير، وسط تأكيدات بأن العملية تمت وفق المساطر القانونية، وبمتابعة علنية عبر البث المباشر على الوسائط التواصلية للحزب.
ووفق ما صرح به حسن حمورو، عضو المجلس الوطني للحزب، فإن إعادة انتخاب بنكيران لم تكن مجرد إجراء تنظيمي، بل عكست إرادة مناضلي الحزب في الاستمرار تحت قيادة زعيم يمتلك خبرة سياسية واسعة، خاصة في ظل المرحلة المعقدة التي يمر بها الحزب منذ انتكاسة انتخابات 8 شتنبر 2021.
ويرى حمورو أن المؤتمر الوطني، باعتباره السلطة العليا داخل الحزب، جدد رهانه على مقاربة بنكيران في التعامل مع المتغيرات السياسية والمؤسساتية، مقاربة لا تعتمد فقط على النصوص المكتوبة، بل تتجلى عملياً في الخطاب السياسي وأسلوب إدارة العلاقات مع المؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة الملكية.
من جهة أخرى، اعتبر حمورو أن التصويت لبنكيران يعبر عن قناعة راسخة لدى قواعد الحزب بضرورة الحفاظ على توازن الحزب الداخلي، وتمتينه في وجه الضغوطات الخارجية، مشيراً إلى أن هذا الاختيار ينطوي أيضاً على رغبة في ترسيخ منهجية العمل السياسي التي أسس لها بنكيران خلال فترات سابقة، بما فيها من مرونة سياسية وصلابة مبدئية.
وفي معرض حديثه عن الانتقادات التي واكبت انتخاب بنكيران، ميّز حمورو بين انتقادات تهدف إلى التشويش وتوسيع هوة الخلافات داخل الحزب، وبين انتقادات أخرى تندرج ضمن التحليل والمتابعة الموضوعية، مشدداً على أن الحزب منفتح على الآراء البناءة ويأخذها بعين الاعتبار في مسار تطوير عمله الداخلي.
وأكد حمورو في ختام حديثه أن مناضلي العدالة والتنمية يمتلكون من النضج والوعي ما يؤهلهم لاختيار قيادتهم دون الحاجة إلى وصاية خارجية، معتبراً أن تجربة الحزب تواصل تقديم دروس في الديمقراطية الداخلية، حتى في أصعب اللحظات السياسية.
وبينما تعكس عودة بنكيران رغبة في استعادة التوازن، فإنها تطرح في المقابل تحديات كبيرة أمام الحزب، سواء على مستوى استعادة ثقة الناخبين، أو في إدارة علاقته بمحيطه السياسي والمؤسساتي، في ظل مشهد وطني متغير وسريع الإيقاع.