
يهدف هذا الاحتفال، المنظم بمبادرة من منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار، إلى تعزيز دور المجتمع المدني في التنمية المحلية والوطنية، من خلال إبراز التجارب الناجحة والمبادرات المتميزة التي ساهمت في النهوض بالنسيج الجمعوي بمدينة العيون.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن المجتمع المدني يوجد في صلب ورش التحول التنموي للأقاليم الجنوبية عامة، وجهة العيون الساقية الحمراء خاصة، مشيرا إلى أنه عبر عن انخراط قوي، وبروح وطنية متأصلة، في جميع الأوراش التنموية من خلال مهامه الاقتراحية والتأطيرية والتعبئة الجماعية سواء عبر الترافع، وكذا من خلال شراكاته الفاعلة والبناءة.
وأشار بايتاس إلى أن جمعيات المجتمع المدني بالمغرب بمختلف مكوناتها وتعدد مجالات اشتغالها، بما في ذلك جمعيات مغاربة العالم، تشكل رافعة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، عبر مختلف تدخلاتها المرتكزة على نبل الرسالة التطوعية وعلى مبادئ البدل والعطاء في سبيل مصلحة الوطن والمواطنين، مسجلا أنها تشكل أيضا حلقة محورية في مسار تكريس الديمقراطية التشاركية.
وأكد أيضا أن الحكومة تولي أهمية خاصة لجمعيات المجتمع المدني للنهوض بها ودعمها ومواكبتها لتضطلع بالمهام الدستورية المنوطة بها، مُستَمِدَّةً مرجعيتها من أحكام الدستور والتوجيهات الملكية السامية، وتوصيات تقرير النموذج التنموي الجديد، والبرنامج الحكومي 2021-2026.
وأبرز بايتاس، في هذا الصدد، أن الوزارة حرصت في إعداد استراتيجيتها في مجال العلاقات مع المجتمع المدني للفترة 2022-2026، على الأخذ بعين الاعتبار تراكمات المجال الجمعوي الوطني، وكذا مختلف توصيات ومقترحات المؤسسات والهيئات الوطنية، قصد الاستجابة لانتظارات الحركة الجمعوية بالمغرب.
وأضاف أن الهدف من هذه الاستراتيجية، التي تم إعدادها في إطار مقاربة تشاركية مع القطاعات الحكومية المعنية وائتلافات جمعوية، يكمن في جعل المجتمع المدني شريكا أساسيا لازما في التنمية من خلال محورين أساسيين ومحور أفقي داعم، ضمت في المجمل 11 برنامجا و21 مشروعا.
من جانبه، أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل،محمد المهدي بنسعيد، أن اختيار العيون عاصمة للمجتمع المدني المغربي لعام 2025 هو في حد ذاته فرصة كبيرة لإبراز الأدوار الطلائعية التي تلعبها جمعيات المجتمع المدني في خدمة قضايا الشأن العام، والقضايا الوطنية، على اعتبار أن الديمقراطية التشاركية من المبادئ الأساسية التي نص عليها دستور 2011.
وأشار بنسعيد، في كلمة تلاها نيابة عنه مدير الفنون بوزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، هشام عبقاري، إلى أن الحدث يهدف إلى أن يكون فضاء لتبادل الخبرات والممارسات الجيدة بين الفاعلين الجمعويين، مع تسليط الضوء على الجهود المتواصلة التي يبذلها المجتمع المدني المغربي في مختلف القطاعات.
وأكد الوزير، من جهة أخرى، على الدلالة الرمزية لاختيار مدينة العيون، عاصمة الصحراء المغربية، الزاخرة بغنى موروثها الثقافي والحضاري، مذكرا بأن هذه المدينة، على غرار باقي الأقاليم الجنوبية، تستفيد من دينامية تنموية مستدامة بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من خلال إنجاز مشاريع مهيكلة تضع المواطن في صلب السياسات العمومية.
من جانبه، أوضح رئيس منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار، مصطفى الزباخ، أن هذه المبادرة تأتي ضمن برنامج “عواصم المجتمع المدني المغربي”، الذي أطلقته المنظمة منذ سنة 2018، بهدف تعزيز دور المجتمع المدني في التنمية المحلية والوطنية.
وأكد الزباخ أن اختيار هذه المدينة يحمل دلالة رمزية قوية ترتبط بمكانتها كعاصمة للأقاليم الجنوبية للمملكة، وبما تمثله من رمز للوحدة الترابية والسيادة الوطنية.
وأضاف أن هذا التمييز مبرر بالنظر إلى المبادرات التي يضطلع بها فاعلو المجتمع المدني لصالح تعزيز التنمية المستدامة وتكريس قيم المواطنة والتعايش.
ولتحقيق هذه الأهداف، يضيف، وضعت المنظمة استراتيجية للمجتمع المدني في مجال قيم المواطنة والتنمية والحوار، إلى جانب إعداد موسوعة ثقافية وحضارية للمدن المغربية، وكراسي جامعية للمجتمع المدني.
وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذا الحدث، الذي جرى بحضور والي جهة العيون الساقية الحمراء، عامل إقليم العيون، عبد السلام بكرات، ومديرة الوثائق الملكية، بهيجة سيمو، ومدير مؤسسة دار الحديث الحسنية، عبد الحميد عشاق، وأعضاء منتسبين لأكاديمية المملكة المغربية، بتكريم فاعلين محليين عرفانا بالجهود والخدمات الجليلة التي قدموها لمدينة العيون وجهة العيون الساقية الحمراء، فضلا عن عرض شريط مؤسساتي يسلط الضوء على ديناميات التنمية في المنطقة.
ويتضمن برنامج هذه التظاهرة التي تتواصل على مدى ثلاثة أيام، نقاشات ومحاضرات تسلط الضوء على تاريخ وتراث مدينة العيون الثقافي والحضاري والعمراني، بالإضافة إلى أمسية فنية وشعرية مستوحاة من التراث الحساني.
وتتواصل فعاليات الاحتفال بالعيون عاصمة للمجتمع المدني من 30 ماي إلى 31 دجنبر 2025، ببرنامج ندوات حول التراث الفكري والمادي للمدينة، وجلسات تكوينية ومعارض وتكريم فعاليات المجتمع المدني، بالإضافة إلى حملات طبية وأمسيات فنية.
يذكر أنه سبق وتم اختيار مدن وجدة وتارودانت وتطوان وسلا “عاصمة للمجتمع المدني” وذلك لسنوات 2018 و2019 و2022 و2023 على التوالي.
ويأتي تنظيم هذا الحدث ثمرة شراكة بين الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، وأكاديمية المملكة المغربية.