24 ساعةسلايدرسياسةمجتمع

المنصوري خارج حسابات انتخابات 2026 بمراكش

تدخل الأحزاب السياسية الكبرى غمار الانتخابات التشريعية لسنة 2026 في سياق وطني استثنائي، يتقاطع فيه الاستحقاق الانتخابي مع التحضير لاحتضان المغرب لمونديال 2030. وهو ما يرفع من منسوب الرهانات السياسية، ويجعل التنافس شديدا قد يصل إلى مستوى لم يصل له من قبل، لأن الحكومة المقبلة ستكون في واجهة تدبير حدث تاريخي ينتظر منه أن يضع المملكة في مصاف الدول العالمية.

في قلب هذا الصراع، يبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة وحزب التجمع الوطني للأحرار يخوضان معركة مباشرة للظفر بقيادة حكومة المونديال، وإذا كانت الحكومة الحالية قد طبعت برئاسة عزيز أخنوش، فإن البام يبدو عازما على قلب المعادلة، معتمدا على سياسة ميدانية هجومية، وعلى تعبئة تنظيمية واسعة النطاق، تعيد رسم خريطة التموقعات خاصة داخل المدن الكبرى.

في هذا السياق، سينهج حزب الأصالة والمعاصرة استراتيجية انتخابية جديدة تقوم على الحملات الجماهيرية الواسعة، والرهان على شخصيات لها حضور قوي وقاعدة جماهيرية كبيرة، فاطمة الزهراء المنصوري قائدة الحزب وعمدة مراكش ووزيرة التعمير ، تمثل حجر الزاوية في هذا التوجه، حيث من المتوقع أن تحسم قرارها بعدم الترشح محليا، وتفرغها لقيادة جولات انتخابية وطنية ماراثونية، تستهدف حشد التأييد الشعبي في محاور انتخابية كبرى مثل الدار البيضاء، العيون، طنجة، فاس وأكادير، انتقال المنصوري من الترشح إلى التعبئة الوطنية سيعكس إدراكا داخل قيادة الحزب بضرورة تقديم خطاب سياسي جديد ، و الوقوف على كل صغيرة وكبيرة درءا لأية مفاجئة .

دائرة المدينة سيدي يوسف بن علي بمدينة مراكش ، تعتبر معقلا انتخابيا للمنصوري، شهدت تحولات عميقة على مستوى التنظيم الحزبي ، ليصبح رهان البام هو عبد الرحمان الوفا رئيس جماعة المشور القصبة على رأس لائحة البام التشريعية، من أجل ضمان استمرارية تمثيلية الحزب داخل الدائرة التشريعية، التي تضرر فيها الحزب كثيرا بفقدانها لقامة سياسية وانتخابية ( محمد نكيل) ، فتوظيف سمعة الوفا الجيدة وعلاقاته الواسعة مع جمعيات المجتمع المدني سيكسب البام مقعدا برلمانيا مريحا، غير أن المفاجأة الكبرى ستأتي من المرتبة الثانية في اللائحة، التي ستسند لعنصر شاب، له سمعة طيبة داخل مقاطعة المدينة العتيقة، ورثها عن والده الذي يعد من الشخصيات الوازنة محليا، تكريسا لرهان تجديد النخب واستقطاب أصوات الشباب، أما المرتبة الثالثة فسيراهن فيها الحزب على عبد القادر لحباب ليشدد الخناق  على عبد العزيز الدريوش في معقله الانتخابي بجماعة تسلطانت، لأن كليهما يعتمدان على الخطاب الديني في استمالة الساكنة و على الجمعيات المدنية النشيطة رياضيا وتربويا.

في المقابل، يطرح هذا الترتيب سؤالا تلقائيا عن موقع محمد الإدريسي النائب الأول لعمدة مراكش ودوره في معادلة الانتخابات المقبلة، وهو سؤال نفضل تأجيل الجواب عنه تفاديا لكثرة التأويلات، في انتظار  ان تضح الصورة بشكل كامل …

أما حزب الاستقلال، أكيد أنه سيحافظ على توازنه داخل الدائرة التشريعية بقيادة عبد العزيز الدرويش، الذي سيترأس لائحة الحزب من جديد، مستفيدا من امتداده الانتخابي الذي كونه بمقاطعة سيدي يوسف بن علي، علاوة على اكتساحه الانتخابي الدائم لجماعة تسلطانت، أما المرتبة الثانية في لائحة الميزان، ستؤول إلى اسم جديد بعد تجميد عضوية احد اعضائه داخل مقاطعة مراكش المدينة ، إذ سيتم تعويضه بوجه بارز وافد على ذات المقاطعة .

من جانب آخر، يبدو أن التجمع الوطني للأحرار قرر الحفاظ على يونس بنسليمان كمرشح أساسي في دائرة المدينة، مع الاعتماد على سياسة الاستقطاب، خاصة من داخل حزب الأصالة والمعاصرة، حيث تشير معطيات ميدانية إلى وجود تنسيق مسبق مع بعض العناصر  والوجوه البارزة التي قد تلتحق به لاحقا او تلك العائدة بعد فترة من الانقطاع  أو تشتغل معه خفية … ، مما يشير هذا إلى نهج بنسليمان تكتيكا انتخابيا يروم التوسع على حساب الخزان الانتخابي للأحزاب المنافسة .

أما حزب الاتحاد الدستوري وحزب الحركة الشعبية، فهما في طور إعادة هيكلة حضورهما في مراكش، في أفق الدفع بوجوه جديدة، وتتم هذه الدينامية بتنسيق مباشر مع الحزب الثالث في إطار التحالف الحزبي غير المعلن، الذي يلعب دورا محوريا في ضبط التوازنات وتوزيع المواقع داخل صفوف التحالف لضرب حزب البام في معقله السياسي و الإنتخابي وقد يشكل قطب راحة التحالفات لما بعد استحقاقات 2026 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى