24 ساعةسلايدرسياسةمجتمع

“توشيح عبد اللطيف حموشي… المغرب لا يعتذر عن مواقفه، بل يُكافَأ عليها.”

في عالم تتجاذب فيه التوازنات الإقليمية والدولية، وتختبر فيه صلابة التحالفات وتقاس بمستوى المصالح الاستراتيجية، لا تمنح الأوسمة الرفيعة بمعزل عن دلالات سياسية وأمنية عميقة، فحين اختارت فرنسا أن توشح عبد اللطيف حموشي المدير العام للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني بوسام جوقة الشرف من درجة ضابط، فإنها لم تكن تكرم مجرد مسؤول أمني، بل كانت تعترف بشكل غير مباشر بمتانة وقوة مؤسسة أمنية مغربية أثبتت خلال السنوات الماضية أنها ليست فقط حصنا داخليا لحماية الاستقرار، بل كذلك فاعلا أساسيا إقليميا ودوليا مؤثرا في القضايا الأمنية الكبرى.

الرجل الذي يكرم اليوم رسميا في باريس هو ذاته الذي تعرض لحملة شرسة فرنسية في 2021، خلال أزمة العلاقات بين المغرب وفرنسا، حيث استهدفته اتهامات كانت تهدف إلى ضرب مؤسسة الأمن المغربية وابتزاز المغرب لتغيير مواقفه الصلبة في ملف السيادة الوطنية، خاصة قضية الصحراء، لكن الحملة انهارت أمام مؤسسة وطنية أثبتت قدرتها على الثبات والمساهمة في الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وبالمقابل، جعل هذا من المغرب الذي لم يبدل مواقفه في أصعب اللحظات، نموذجا يحظى باحترام الدول، وأجبر خصومه على إعادة النظر في مواقفهم.

بينما تشهد إيران حملات أمنية داخلية موسعة للبحث عن خونة تسببوا في اختراق أمني خطير أدى إلى اغتيالات شخصيات بارزة، مما كشف هشاشة منظومتها الاستخباراتية وأكد أهمية البعد الاستخباراتي في حماية الأمن القومي، يبرز المغرب هذه الأيام كحالة استثنائية، فمؤسسته الأمنية إنتقلت من حماية أمنها الداخلي إلى شريك دولي موثوق فيه، كان عاملا أساسيا في إحباط عدد من العمليات الإرهابية الخطيرة التي كانت ستزهق أرواحا كثيرة في عدد كبير من الدول، وهو ما جعل استراتيجيته الأمنية الاستباقية محط إعجاب واهتمام المجتمع الدولي، وهكذا أصبح الأمن المغربي مرجعا للتعاون الدولي، وشريكا لا غنى عنه في حماية الأمن القومي لدول عديدة، فهو الآن بمثابة ذرع استراتيجي يحظى بثقة الأجهزة الأمنية العالمية، من أوروبا إلى أمريكا وإفريقيا، وعليه فهذا التكريم والشراكة مع دولة فرنسا ما هي إلا بداية لمسار متقدم من الشراكات الأمنية الدولية التي تعزز مكانة المغرب كقوة أمنية إقليمية وعالمية.

إن هذا النجاح لم يكن صدفة، بل ثمرة رؤية مؤسساتية رصينة تعلي من شأن العمل الميداني الصامت والمهني، بعيدا عن الصخب والخطابات السياسية، ولعل الرسالة الأهم التي يحملها هذا التتويج أن المؤسسة الأمنية المغربية التي نجحت في إعادة دول كبرى إلى منطق التعاون الواقعي على أساس المصالح المشتركة، لن تلتفت إلى شطحات الذئاب المنفردة من مرتزقة الخارج، العاقين لوطنهم، العبيد لأجندات متطرفة، التي تسعى لضرب استقرار الوطن عبر أبواق الحقد والتشكيك.
إن المغرب لا يعتذر عن مواقفه، بل يكافأ عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى