24 ساعةسلايدرسياسةمجتمع

بنشيخي و المنصوري التكامل الذي تحتاجه مراكش

يشكل التكامل بين السلطة الترابية والمجالس المنتخبة ركيزة أساسية في منظومة الحكامة المحلية الحديثة، لما له من أثر مباشر في تعزيز فعالية التدبير العمومي وتحقيق التنمية المستدامة على المستوى الجهوي والمحلي، هذا التكامل ينبع من طبيعة العلاقة التفاعلية التي تجمع بين الشرعية الإدارية الممثلة في السلطة الترابية، والشرعية الانتخابية المتجسدة في المجالس المنتخبة، حيث تتقاطع الأدوار وتتكامل الصلاحيات في إطار قانوني ومؤسساتي متين.

في هذا السياق، تبرز التجربة الحديثة الفريدة لوالي جهة مراكش-آسفي بالنيابة رشيد بنشيخي كمثال ملموس على كيفية ترسيخ هذه المقاربة التشاركية التي لا تقوم على التنازع أو التنافس، وإنما على التنسيق والتعاون البناء بين المؤسستين، فمنذ تعيين رشيد بنشيخي واليا بالنيابة على جهة مراكش-آسفي شهدت المدينة بروز مقاربة تدبيرية جديدة تعكس المفهوم الجديد للسلطة، وكذا تناغما ملموسا في موازين الأدوار بين السلطة الولائية والمجلس الجماعي، وهذا يجد أسسه في الإطار القانوني المنظم للعلاقة بين المؤسستين، فالمرسوم رقم 2.17.618 الصادر في 26 دجنبر 2018 بمثابة الميثاق الوطني للاتمركز الإداري يحدد موقع والي الجهة باعتباره ممثلا للسلطة المركزية ومشرفا على تنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة، وضامنا لانسجام السياسات العمومية وتنفيذ البرامج التنموية على المستوى الجهوي والمحلي، إضافة إلى تتبع المشاريع المهيكلة وضمان التقيد بالقوانين والأنظمة، وهو ما يمنحه صلاحيات إدارية ورقابية ذات امتداد استراتيجي.

انطلاقا من هذا البناء المؤسسي، باشر الوالي بنشيخي تحركات ميدانية مكثفة استهدفت معالجة بعض المظاهر التي تمس صورة مدينة مراكش، بدءا من بطء إنجاز المشاريع الكبرى، مرورا إلى الرقي بمستوى النظافة ومحاربة ظاهرة الكلاب الضالة، وصولا إلى صيانة المساحات الخضراء، حيث تكتسي هذه الأمور أهمية قصوى تنبني عليها جمالية المدينة الحمراء، إضافة إلى أن المدينة مقبلة على رهانات وطنية ودولية كبرى، وعلى رأسها الاستعداد لاحتضان كأس إفريقيا في أواخر هذا العام ومونديال 2030 ، ما أضفى على تدخله طابعا استعجاليا واستراتيجيا في آن واحد.

وانسجاما مع هذا التوجه العام لم يغفل الوالي احترام الشرعية الانتخابية لمؤسسة المجلس الجماعي الذي يملك تفويضا شعبيا واضحا لتدبير الشؤون المحلية، حيث حرص بنشيخي على أن يكون عمله مكملا ومساندا، من خلال إشراك المجلس الجماعي في الاجتماعات الموسعة وفي اللجان المحدثة، هذه المقاربة المتوازنة أكدت على ضرورة تجاوز الفواصل التقليدية التي قد تولد ازدواجية في التدبير أو تعرقل اتخاذ القرارات الحاسمة.
إن ما قام به الوالي بنشيخي من خلال هذه الممارسة يؤكد على أن الحكامة المحلية الفعالة لا تتحقق إلا من خلال بناء شراكة متينة بين السلطتين، ترتكز على الحوار المفتوح ، تبادل المعلومات، والتنسيق المؤسسي المنتظم. هذا التكامل يسهم في تقديم خدمات عمومية ذات جودة عالية تلبي تطلعات المواطنين وتدعم التنمية الشاملة.

إن الصرامة التي تميز شخصية كل من الوالي بالنيابة رشيد بنشيخي والعمدة فاطمة الزهراء المنصوري، ورؤيتهما في مقاربتهما التدبيرية، يشكلان التكامل والركيزة الأساسية التي كانت مدينة مراكش في أمس الحاجة إليها، فهذا التناغم بين الشخصيتين يعزز من فرص تحقيق تنمية حضرية مستدامة لمدينة مراكش، ويسهم في ترسيخ مكانة المدينة كقطب حضاري وسياحي عالمي، بما يضمن جودة الحياة لمواطنيها ويعزز إشعاعها الوطني والدولي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى