24 ساعةسلايدرسياسةمجتمع

إلى جريدة “لوموند”: الحقيقة كما هي

الدكتور أنس أبو الكلام-قرأت مقالك الأخير بعنوان «في المغرب، أجواء نهاية عهد لمحمد السادس»، ولم أستغرب حجم الانحياز والسطحية التي طغت على تحليلكم. لكنني كمغربي، ملكي الانتماء والهوى، لا يمكن أن أبقى صامتاً أمام هذه المغالطات.
لقد عشت في فرنسا لفترة طويلة وأعرف طريقة تفكيركم جيدًا، وهذه هي نقطة قوتنا كما قال المرحوم الحسن الثاني طيب الله ثرا. انا طبعا مع حرية التعبير ولكن مع الحيادية و الشرعية والشفافية و المصداقية وبدون دوافع خفية او اجندات مدروسة. لكن الضاهر جليا هو ان مقالكم حاول رسم صورة قاتمة توحي بأن المغرب يعيش “نهاية مرحلة”، وكأن الشعب فقد ثقته في مؤسساته، وكأن الملك غائب عن قيادة التنمية. والحقيقة أن ما كتبتم لا يعكس إلا نظرة ضيقة ومتحاملة، بعيدة عن الواقع الذي نعيشه يومياً.
الم يخطر الى بالكم انه منذ 1999، والمغرب يعرف تحولات عميقة يقودها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهي حقائق يلمسها العادي والبادي : اقتصاد يتطور بخطوات ثابتة من ميناء طنجة المتوسط إلى مشاريع الطاقات المتجددة التي جعلت المغرب رائداً قارياً؛ إصلاحات اجتماعية جذرية كمدونة الأسرة، هيئة الإنصاف والمصالحة، برامج التغطية الصحية والحماية الاجتماعية؛ استقرار سياسي يميز المغرب عن محيطه، حيث تحولت الملكية إلى ضمانة للوحدة الوطنية وسط أزمات المنطقة؛ دبلوماسية نشطة جعلت المغرب صوتاً مؤثراً في إفريقيا وشريكاً معترفاً به على المستوى الدولي، والامثلة كثيرة …
لكنكم فضلتم تجاهل كل ذلك، وركبتم موجة “النهاية” لأن العناوين السوداوية تثير الانتباه أكثر، أولأن بعض الأقلام ما زالت أسيرة تصورات استعمارية قديمة ترى في المغرب مجرد موضوع للتأويل والخيال.
سيدي الكاتب
المملكة الشريفة ليست جمهورية تعيش “نهاية عهد”، بل هو مملكة تتميز بالاستمرارية، حيث تنتقل الأفكار والخبرات والبروتوكولات عبر عقود. الشعب المغربي، في غالبيته، مرتبط بملكه وبمؤسساته، ليس مجرد تقليد، بل بوعي وثقة في دورها المركزي.
بدل البحث عن نهايات أو أزمات مفترضة في المغرب، ربما كان الأجدى لكم سيدي الكاتب أن تركز على وضعكم ايضا في الجمهورية الفرنسية، حيث تتعاقب الرئاسات بلا قيمة مضافة حقيقية، وتضعف مكانتها الدولية، ويظل جزء من اقتصادها مرتبطًا بأفريقيا. في هذا السياق، يمكن لجريدة مثل جريدتكم تقديم تحليل أكثر موضوعية واستنارة، بدل التعميم اعتمادًا على فرضيات حول بلد ظل دائمًا صديقًا وأخًا.
في حين، جلالة الملك نصره الله لا يسعى للظهور الإعلامي ولا إلى الاستعراض، بل يقود في صمت، بالعمل والنتائج الملموسة.
فليكن واضحاً: المغرب لا يعيش “نهاية عهد”، بل مرحلة استمرارية وإصرار على بناء المستقبل.
نحن المغاربة بهويتنا وتاريخنا و خصائصنا نعرف واقعنا، ونفهم تحدياتنا، ولسنا في حاجة إلى مقالات متعالية لتفسير حاضرنا أو مستقبلنا. قوة المغرب في تلاحم شعبه مع ملكه، وهذه حقيقة لايريد فهمها من لهم ازمة هوية كما قال رئيسكم السابق نيكولا ساركوزي، ولا تغيرها العناوين المضللة ولا الأحكام الجاهزة.
الله الوطن الملك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى