
أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن التسجيلات المصورة بواسطة كاميرات المراقبة يمكن أن تُعتمد كقرائن قانونية لإثبات الأفعال الإجرامية أو نفيها، شرط احترام الضوابط الشكلية والموضوعية التي يفرضها القانون، مع ترك سلطة التقدير النهائية للقاضي الجنائي، دون الحاجة إلى إصدار نص تشريعي خاص بهذا الموضوع.
وأوضح وهبي، في رده على سؤال برلماني، أن النقاش المرتبط بالتصوير داخل الفضاءات العامة والخاصة يثير تحديات عملية وقانونية معقدة، بحكم تعدد المرجعيات المنظمة لهذا المجال، وصعوبة التمييز بين التقاط الصور وحفظها، فضلا عن إشكال حماية الحياة الخاصة للأفراد.
وأشار الوزير إلى أن كاميرات المراقبة، رغم أهميتها في مكافحة الجريمة، قد تتحول أداة لانتهاك الخصوصية الشخصية إذا استُعملت بشكل غير منضبط، مذكرا بالمقتضيات الصريحة للفصل 447 من القانون الجنائي الذي يعاقب على تصوير الأشخاص في أماكن خاصة دون موافقتهم.
وأضاف أن الغموض في تعريف “المكان الخاص” أدى إلى تضارب في الاجتهادات القضائية، مما يعكس تعارض مصلحتين: حماية الأفراد في خصوصياتهم من جهة، وحماية المجتمع من الجريمة من جهة أخرى، محذرا من مخاطر التلاعب بالتسجيلات أو تحويرها عبر الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي قد يُفقدها قيمتها الإثباتية أمام المحاكم.
ولتجاوز هذه الإشكالات، ذكر الوزير بوجود إطار قانوني لحماية المعطيات الشخصية (القانون 08.09) وإنشاء اللجنة الوطنية المكلفة بذلك، والتي وضعت شروطا صارمة لاستخدام أنظمة المراقبة، من بينها منع تثبيتها في أماكن حساسة كالمراحيض وقاعات الاجتماعات وأماكن العبادة، وتحديد مدة الاحتفاظ بالصور في ثلاثة أشهر فقط.
كما شدد على إلزامية إشعار اللجنة الوطنية مسبقا بتركيب أنظمة المراقبة، ووضع إشعارات واضحة في مداخل البنايات، مع ضمان سرية البيانات ومنع أي استعمال غير مشروع لها.
وختم وهبي بالتأكيد على أن التسجيلات المصورة، إذا استوفت كل الشروط القانونية، يمكن اعتمادها كوسيلة إثبات في إطار حرية الإثبات الجنائي التي يكرسها القانون المغربي، مبرزا أن التطور التكنولوجي جعل “التصوير المرئي” أحد أهم الأدوات المساعدة في الوصول إلى المجرمين وتحقيق العدالة.