في إطار العناية التي تحظى بها مدينة آيت أورير من قبل مختلف الفاعلين المحليين والجهويين والوطنيين، احتضن اليوم مقر عمالة إقليم الحوز اجتماعا ترأسه الكاتب العام للعمالة، وبحضور أحمد التويزي رئيس جماعة أيت أورير، جرى خلاله الإعلان عن إطلاق تنزيل هذا البرنامج الطموح لتأهيل الأحياء الناقصة التجهيز وإعادة هيكلة المجال الحضري للمدينة، الذي يأتي تنزيلا للتوجيهات الملكية السامية الهادفة إلى تطوير النسيج الحضري وتنمية العالم القروي.
ويأتي هذا المشروع في إطار اتفاقية شراكة التي تم توقيعها خلال شهر غشت 2024، بغلاف مالي إجمالي يناهز 176 مليون درهم، وهو ما يعكس إرادة جماعية في الدفع بعجلة التنمية الحضرية نحو مستويات أكثر نجاعة واستدامة.
ويهدف هذا البرنامج إلى إرساء مقاربة تشاركية متكاملة، تقوم على الالتقائية بين مختلف القطاعات الحكومية والسلطات الإقليمية والمحلية، بما يسمح بإنجاح تنزيل الأوراش المبرمجة، وضمان تحقيق الأثر المباشر على حياة الساكنة. فبعد مرحلة دقيقة من الدراسات التقنية والإدارية، ستنطلق فعليا عمليات الإنجاز التي ينتظر أن تحدث تحولات ملموسة على المشهد الحضري للمدينة.
وتتوزع محاور المشروع بين تأهيل الشوارع الرئيسية، وتهيئة الطرق الرابطة بين الأحياء، إلى جانب إنجاز مناطق خضراء وحدائق حضرية، وإحداث منتزهات ومرافق رياضية واجتماعية وثقافية، فضلا عن تأهيل الأزقة بالأحياء القديمة التي ظلت لعقود تعاني من نقص في البنية التحتية. بذلك، لا يقتصر الأمر على مجرد إصلاحات سطحية، بل يتجاوزها إلى إرساء رؤية حضرية جديدة تجعل من آيت أورير مدينة قادرة على مواكبة التحولات العمرانية والاجتماعية.
هذا المشروع النوعي لم يكن ليرى النور لولا المجهودات الكبيرة التي بذلها السيد أحمد التويزي، رئيس جماعة آيت أورير، الذي جعل ملف التأهيل الحضري في صلب أولويات عمل المجلس الجماعي، وسهر على تعبئة مختلف الشركاء وتأمين التمويلات اللازمة. وقد شكلت قيادته الفاعلة عاملا أساسيا في تحويل هذا الطموح إلى التزام جماعي ينخرط فيه الجميع خدمة لمصلحة الساكنة.
كما كان للدور المحوري لرشيد بنشيخي، عامل إقليم الحوز، بالغ الأثر في تتبع كافة مراحل المشروع وضمان التنسيق بين مختلف الأطراف المتدخلة. إذ عرف بمواكبته الدقيقة لكل التفاصيل وتدخله الحاسم لتذليل الصعوبات، بما يعكس رؤية السلطات الإقليمية الرامية إلى تكريس العدالة المجالية وتحقيق تنمية متوازنة تشمل مختلف الجماعات.
وتكمن أهمية هذا البرنامج في كونه يتجاوز البنية التحتية ليؤسس لتنمية شاملة ومستدامة، تقوم على توفير مرافق عصرية وخدمات للقرب، مع تعزيز جاذبية المدينة وتثمين موقعها الاستراتيجي كحلقة وصل بين مدينة مراكش وباقي مناطق إقليم الحوز. وهو بذلك يسهم في تحسين شروط العيش والارتقاء بجودة الحياة الحضرية للمواطنين.
كما يجسد المشروع نموذجا في التنسيق المؤسساتي والقطاعي، حيث تضافرت جهود كل من وزارة الداخلية، ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وزارة الشباب والثقاقة والتواصل- قطاع الثقافة-، وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة- قطاع البيئة-، فضلا عن عمالة إقليم الحوز والمجلس الجماعي لآيت أورير وجمعيات المجتمع المدني بايت أورير، هذه الالتقائية شكلت ضمانة لنجاح المشروع ولإعطائه بعدا وطنيا يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية للمملكة في مجال التنمية المستدامة.
وفي المحصلة، فإن هذه المشاريع النوعية تمثل رافعة قوية لإعادة الاعتبار لمدينة آيت أورير، وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وتكريس قيم العدالة والإنصاف الترابي. كما تفتح آفاقا واعدة أمام المدينة لتصبح قطبا حضريا متجددا يستجيب لتطلعات الساكنة ويعكس الطموح الوطني في بناء مدن مغربية حديثة، متوازنة ومستدامة.
