احتجاجات جيل Z تكشف أزمة ثقة عميقة بين الشباب والسياسات الحكومية

عبد الكريم علاوي – يعرف المغرب في الآونة الأخيرة موجة احتجاجات سلمية يقودها شباب جيل Z، الفئة التي نشأت في زمن الانفتاح الرقمي والتواصل السريع، ما يجعل أساليب التصدي التقليدية عاجزة عن كبح جماحها.
هذه الاحتجاجات لم تعد مجرد مطالب آنية، بل تعكس أزمة ثقة عميقة بين فئة الشباب والحكومة والاحزاب السياسية.
يصر هؤلاء الشباب على حقوق أساسية تشمل تعليمًا يضمن تكافؤ الفرص، صحة عمومية تحفظ الكرامة، وفرص شغل توفر حياة كريمة، وهي مطالب تتجاوز الطابع الفردي لتصبح قضية وطنية ترتبط بمستقبل البلاد واستقرارها الاجتماعي.
ومع ذلك، فإن التعامل الأمني مع التظاهرات في بعض المدن أظهر محدودية الحلول التقليدية. فجيل Z يمتلك أدوات تواصل ووعيًا سياسيا واجتماعيا يجعل أي قمع أو تهميش مجرد مسكن قصير الأمد، وقد يؤدي إلى تصاعد الغضب بدل احتوائه.
على صعيد آخر، فشل الأحزاب السياسية في احتضان هذا الحراك أو توجيهه نحو الحلول العملية كشف فجوة بين المؤسسات التقليدية والشباب الجديد. ظلت أبواب الأحزاب مغلقة أمام الشباب الكفء، بينما فتحت لبعض أبناء القيادات والمقربين، ما أدى إلى فقدان الثقة في قدرة هذه المؤسسات على تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.
وفي هذا السياق، تُطرح أسئلة حول قدرة الحكومة على الاستجابة لمطالب الشباب ضمن إطار البرامج الملكية الرامية إلى مواجهة “مغرب السرعتين”، عبر تعزيز التنمية وتقليص الفوارق المجالية، خصوصًا في المناطق النائية وضواحي المدن. ويظل قطاع الصحة، الذي يعاني أزمة خانقة، بمثابة المؤشر الأكثر وضوحًا على حاجة الإصلاح العاجل، إلى جانب التعليم والتشغيل ومحاربة الفساد وتعزيز الحكامة.
هذه الصرخة تظهر في جوهرها ، أن جيل Z ليس خصمًا للوطن، بل يمثل قوة محركة للتغيير. وأي تجاهل لصرخته السلمية قد يُكلف الدولة والمجتمع مستقبلًا أثقل، ويجعل الإصلاحات المجتمعية أكثر صعوبة. الإصغاء لمطالب هذا الجيل، ودمجهم في عملية اتخاذ القرار، ليس خيارًا سياسيًا فحسب، بل استثمارًا استراتيجيًا لمستقبل المغرب.