يسير مُسلسل المحاكمات الجارية في اتجاه حصر لائحة سوداء ستعتمدها الأحزاب السياسية من أجل تغيير جلدها وتسريع وتيرة دوران نخبها في الاتجاه الصحيح، إذ كشفت مصادر “الصباح” أن التقدم في مسار محاسبة السياسيين لا يتم بشكل اعتباطي، بل وفق خارطة طريق موضوعة سلفا تهدف إلى حصر عدد الذين سيواجهون بـ “فيتو” قضائي يمنعهم من العودة في استحقاقات 2026.
وشرعت أغلب الأحزاب في البحث عن بدلاء للواردة أسماؤهم في اللائحة السوداء، بعدما تأكدت كل التشكيلات السياسية من حتمية الالتزام بمبدأ تجديد النخب وتقديم وجوه جديدة، خاصة من بين الكفاءات السياسية الشابة، في ظل توقعات بدفعات أخرى من المتابعات أمام محاكم جرائم الأموال وتوسيع دائرة البرلمانيين والمنتخبين المعنيين بملفات الفساد خلال الأشهر القليلة المقبلة بسبب تقارير عن تعدد بؤر الاختلالات المالية المرتكبة أثناء أداء مهام انتخابية خلال الولاية الحالية والسابقة.
وكشفت مصادر “الصباح” أن الأحزاب تلقت إشارات بضرورة القطع مع مرحلة التساهل في منح التزكيات وأن السلطات الوصية على الانتخابات ستتشدد في شروط القبول في كل مراحل العملية الانتخابية من الاقتراع العام إلى رئاسة مجالس الجماعات الترابية بكل أنواعها.
وتلقت الأحزاب لوما شديدا بسبب الفشل في مأمورية تجديد النخب، واستمرار قيادات محلية تقليدية تتحكم في الآلة التنظيمية والمؤسسات الحزبية، ودواليب اتخاذ القرار داخلها.
ويشكل امتحان التداول داخل الفروع الحزبية، أحد أكبر الأعطاب، التي يعانيها الحقل السياسي، على اعتبار أن اختلال الديمقراطية الداخلية وغيابها ينتج العديد من الأمراض، من بينها مرض التشبث بالكراسي ، ويؤدي إلى استمرار الوجوه نفسها داخل المجالس المنتخبة بكل مستوياتها.
وعوض التعامل مع النداء الملكي المتعلق بتجديد الوجوه بمنطق القطيعة مع الطرق القديمة في تولي مناصب، استمر شبح الولاءات القبلية والحزبية وعلاقات النسب والمصاهرة، الذي يحتاج دون تأخير، إلى “ثورة حقيقية ثلاثية الأبعاد، في التبسيط، والنجاعة، والتخليق”، على حد تعبير جلالة الملك.
وفي الوقت الذي ذكر فيها الملك بضرورة نهج التغيير وتحديث أساليب العمل والتحلي بالاجتهاد والابتكار في التدبير العمومي، وشدد نداء خطاب العرش على حتمية التجديد الشامل لمناصب المسؤولية، اشتعل فتيل تهافت “الآباء والأولياء” على طابور “الوجوه الجديد”، إذ تحرك أصحاب النفوذ في دوائر القرار الحزبي لصالح الأبناء والأصهار والمقربين، تكريسا لمنطق التداول على الكراسي بالتوريث.
ولم تفلح الأحزاب في مسعى تجديد النخب المحلية والبرلمانية على حد سواء وتأخر أغلبها في ضخ دماء جديدة في هياكل البرلمان، وإتاحة الفرصة أمام وجوه جديدة للمساهمة في تدبير المجالس المنتخبة والمؤسسة التشريعية.
@ المصدر جريدة الصباح