قال العلامة والباحث حسن جلاب إن الجامعة اليوسفية بمراكش اضطلعت منذ إرساء حجرها الأساس في عهد الدولة المرابطية إبان فترة حكم الأمير المرابطي علي ابن يوسف ابن تاشفين (اضطلعت) بأدوارها العلمية نزولا عند رغبة ثلة من العلماء الذين نزحوا من بلاد الأندلس خلال فترة تهافت ملوك الطوائف وما طبعها من تحلل وتهلهل، وهو ما ساهم في تحول مدينة مراكش إلى حاضرة للعلم والعلماء بمنطقة الغرب الإسلامي والعالم الإسلامي ككل، مشيرا على خلاف ذلك أن جامعة القرويين بفاس منذ تأسيسها في عهد الأدارسة كانت فضاء لإقامة الصلوات الخمس لمدة طويلة، ولم تضطلع بأدوارها العلمية إلا في فترة حكم الدولة المرينية ليصبح صيتها ذائعا كواحدة من أقدم الجامعات، مؤكدا في السياق ذاته أن الجامعة اليوسفية بمراكش سبقت شقيقتها جامعة القرويين بفاس على مستوى الدرس العلمي لتنسج لنفسها مكانة متميزة في مصاف أعرق الجامعات في العالم.
الثابت الذي لا يتحول
وأضاف المتحدث ذاته الذي حل ضيفا على برنامج دردشة الذي يشرف على إعداده وتقديمه الزميل الإعلامي حسن البوهي وفي الإخراج الزميل عبد الصادق الكرناوي أن الجامعة اليوسفية بمراكش ظلت “الثابت الذي لا يتحول”على امتداد تاريخ الدول التي تداولت حكم المغرب من المرابطين إلى النصف الثاني من القرن العشرين، واستطاعت أن تستقطب كبار علماء الدين واللغويين، قبل أن يبزغ نجم العديد من العلماء الذين أسدوا خدمات جليلة للإنسانية كابن البناء العدد المراكشي وغيره،
أوج الإشعاع العلمي
وتوقف العلامة حسن جلاب الذي صدر له مؤخرا مؤلف موسوعي موسوم ب”الجامعة اليوسفية بمراكش” أن هاته الأخيرة بلغت أوج اشعاعها العلمي في عهد الدولة السعدية خلال فترة حكم أحمد المنصور الذهبي حسب المؤرخ محمد حجي لتتبوأ صدارة المراكز الثقافية على مستوى الغرب الإسلامي إن لم تكن على مستوى العالم الإسلامي، وذلك بفضل العناية الكبيرة التي أولاها أحمد المنصور الذهبي للصرح الجامعي اليوسفي الذي أصبحت له فروع ملحقة، إذ لم يعد التلقين العلمي يقتصر على جامع ابن يوسف بل امتد إلى فروع أخرى داخل مدينة مراكش وخارجها، بالإضافة إلى تزايد أصول الجامعة وما واكبها من عمليات التحبيس.
إصدار موسوعي رصين
ويعد المؤلف الموسوعي “الجامعة اليوسفية بمراكش” من بين أهم المؤلفات الرصينة خلال الموسم الثقافي الجاري وهو صادر عن دار النشر آفاق، يتكون من ثلاثة أجزاء، حيث أفرد حسن جلاب الجزء الأول لعصور الموحدين، المرينيين والوطاسيين، فيما الجزء الثاني خصصه لفترة حكم الأشراف السعديين والعلويين، ثم الجزء الثالث خلال القرن العشرين من 1912 إلى 1963.
الدكتور حسن جلاب واحد من أهم الأيقونات العلمية التي اتخذت من التوثيق والتأريخ والتحقيق شغلها الشاغل، هو العميد السابق لكلية اللغة العربية بمراكش، أشرف على تأطير العشرات من الرسائل والأطاريح الجامعية، وشغل في الان ذاته مهمة عضو لجنة تحكيم العديد من المجلات العربية المحكمة.
و له أزيد من 40 مؤلفا بالإضافة إلى العديد من المقالات المنشورة في مجموعة من الدوريات المحكمة، وهي تتوزع بين اللغة العربية وآدابها والدراسات التاريخية والتصوف، انصب اهتمامه على التوثيق للتراث الثقافي المغربي والمراكشي منه على وجه الخصوص.