أبى يوم الثامن من شتنبر إلا أن يُسمع المغرب أنين مناطقه المنسية، ويعيد سكانها البسطاء من جديد إلى قلب المحنة والمعاناة، فبعد سنة مرت على فاجعة حولت منازلا ودواويرا كاملة إلى حطام، وسلبت استقرار الآلاف ليتخذوا الخيام ملجأ لهم، أعاد التاريخ نفسه من جديد، لتكتب الطبيعة أسطره بفيضانات مناطق الجنوب الشرقي للملكة، التي أعادت الشقاء عنوانا للشهر، وقد يظل، كسابقه، عنوانا للسنة.
تأتي ذكرى فاجعة زلزال الحوز، الذي هز ستة أقاليم مغربية وأوقع 2960 قتيل وأزيد من 5000 مصاب، لتعيد إلى الذاكرة مناطقا ظلت منكوبة رغم جهود النهوض بها وإعادة إعمارها، وتطرح التساؤل عن وثيرة هذه الجهود وحصيلتها بعد 12 شهرا من مسارعة الزمن لبعث ديناميتها.
أعلنت الحكومة أن مجموع الانهيارات آنذاك قد بلغ 59647، فيما وصل عدد الدواوير المتضررة إلى 2930، وكشفت أن 2.8 مليون نسمة هو عدد ساكنة الدواوير التي لحقتها أضرار الزلزال.
وبناء على هذه المعطيات، قررت تقديم مساعدات مالية للأسر المتضررة من الزلزال، تم تحديد قيمتها في 2500 درهم شهريا، على أن يتم صرفها لمدة سنة لفائدة الأسر التي انهارت منازلها جزئيا أو كليا.
وأكدت الحكومة أنه إلى حدود فاتح يوليوز الماضي، تم صرف 1.4 مليار درهم، استفاد منها 57.000 مواطن وتشمل الشطرين الأول والثاني من الإعانات، مشددة على أنها ستواصل عملية تنزيل برامج إعادة بناء وتأهيل هذه المناطق المتضررة، عبر تقديم الدعم المباشر لإعادة الإيواء وتنمية المنطقة من جديد وتأهيل بنيتها التحتية.
في الجانب الآخر، تشتكي ساكنة المناطق المتضررة، تأخر تنزيل البرامج الحكومية المخصصة لإعادة البناء والتأهيل، واضطرارهم إلى الاستمرار في العيش في خيامهم بعيدا عن منازلهم المنهارة.
تحكي لنا فاطمة، وهي من سكان منطقة أمزميز: « رغم مجهودات الحكومة لتسريع تعافي المنطقة، لا يزال معظم المتضررين يعيشون داخل الخيام، فمعضلة البناء لم تحل بشكل سريع كما كنا نتمنى، كما توصلت ساكنة بعض المناطق بالدفعة الأولى من الدعم فقط، دون أن تحصل على الدفعة الثانية لإتمام البناء ».
وأضافت المتحدثة، في تصريح لـ « منارة »، أن بعض الساكنة فضلت العودة إلى منازلها رغم خطر انهيارها في أية لحظة، خاصة بعدما فاقمت الأمطار والسيول محنتها. فيما شرع البعض الآخر في إصلاح مسكنه من ماله الخاص دون انتظار الدعم المخصص لذلك، الذي شابته تحديات عديدة حسب تعبيرها، آملة أن تكثف السلطات جهودها لتسريع تنزيل الحلول الممكنة.
من جهتها، أكدت فاطمة الزهراء كزير، وهي شابة قاطنة بمراكش، أن الأزقة الشعبية بالمدينة كانت أكثر عرضة للدمار بفعل قدم المباني، وإثر ذلك قامت السلطات بترميم أغلبها، من منازل ومساجد، فيما هدمت البعض الآخر كليا، بعدما لم يعد صالحا للاستغلال مرة ثانية.
وتابعت أن السلطات قامت أيضا بترميم المآثر التاريخية التي لم تسلم هي الأخرى من الزلزال، كقصر الباهية وقصر البديع وصومعة الكتبية، « في الوقت الذي لم تتمكن من إيجاد حل لبعض بنايات الأزقة الضيقة في المدينة، غير إسنادها بالأعمدة لحفظ سلامة المارة »، موضحة أن المنطقة لحد الساعة لم تشهد أي عمليات لإعادة البناء.