أقر مؤتمر “كوب29” مسودة اتفاق تاريخية في باكو، تلزم الدول المتقدمة بتقديم 300 مليار دولار سنويًا لدعم الانتقال البيئي في الدول النامية حتى عام 2035. يأتي القرار في وقت يشهد تصاعد الضغوط لمواجهة تداعيات التغير المناخي
.نشرت الرئاسة الأذربيجانية لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (كوب29) في ساعة متأخرة من مساء السبت (23 نوفمبر) مسودة الاتفاق النهائية بشأن تمويل المناخ والتي سيتم عرضها على نحو 200 دولة مجتمعة في باكو.
ويحدد النص الذي تم التفاوض عليه على مدى الـ24 ساعة الماضية، مساهمة الدول المتقدمة في تمويل الانتقال البيئي للدول النامية بـ300 مليار دولار سنويا « على الأقل » حتى عام 2035. وستظل المساهمات من دول أخرى، ومن بينها دول الخليج والصين، على أساس « طوعي ».
وصادق المؤتمر التابع للأمم المتحدة، اليوم السبت، على قواعد جديدة تسمح للدول الصناعية بتحقيق أهدافها المناخية عبر تمويل مشاريع بيئية في دول إفريقيا وآسيا بدلاً من خفض انبعاثاتها محليًا. القرار، الذي أُقر وسط تصفيق المشاركين، ينهي سنوات من الجدل حول آلية تداول أرصدة الكربون كوسيلة للحد من الانبعاثات.
في المقابل، واجه المؤتمر أزمة تهدد استمراره، حيث لم تتمكن الدول الغنية والنامية من التوصل إلى اتفاق بشأن تمويل العمل المناخيوالتكيف مع تغير المناخ. وبعد أسبوعين من المفاوضات في العاصمة الأذربيجانية باكو، رفضت مجموعات من الدول الإفريقية والجزرية والدول الأقل نموًا مسودات البيان الختامي، مطالبة بتعهدات مالية أكبر وأكثر طموحًا.
خلافات تمويل المناخ تؤجج الانقسامات
خلال جلسة المفاوضات، انسحب ممثلون عن بعض الدول المعرضة للمخاطر من اجتماع رئيسي، مما زاد من تعقيد الوضع. وأكد أحد الممثلين المنسحبين: « الوضع الحالي مرفوض ». من جانبها، صرحت وزيرة البيئة الكولومبية، سوزانا محمد: « نحن هنا للتفاوض، لكن أصواتنا لا تُسمع ».
وأعلنت رئاسة مؤتمر « كوب29 » أنها ستعقد جلسة عامة مساء السبت لمناقشة النقاط العالقة، فيما دعت البرازيل، الدولة المضيفة لقمة المناخ المقبلة، إلى إيجاد تسوية. وقالت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا: « علينا التوصل إلى اتفاق مقبول يعكس حجم الطوارئ المناخية ».
نظام تداول أرصدة الكربون
القرار الجديد يجعل آلية تداولأرصدة الكربون، المنصوص عليها في اتفاق باريس 2015، نافذة. وبموجب هذه الآلية، يمكن للدول الغنية تمويل مشاريع مثل زراعة الأشجار، واستبدال المركبات التقليدية بالكهربائية، وتقليل استخدام الفحم في الدول النامية، مع احتساب هذا الخفض ضمن بصمتها الكربونية.
ورغم الانتقادات التي تشير إلى احتمال استخدام هذه الآلية في « الغسل الأخضر »، تعوّل الدول النامية على الاستفادة من التمويل الدولي لدعم مشاريعها البيئية. وقد أبرمت حتى الآن 91 اتفاقية ثنائية تشمل 141 مشروعًا، أبرزها مشاريع تقودها اليابان وكوريا الجنوبية وسويسرا.
أبرز الاتفاقيات والمخاوف
سويسرا تُعد نموذجًا رائدًا في هذا الإطار، حيث وقعت اتفاقيات مع دول مثل غانا لتقليل انبعاثات الميثان الناتجة عن النفايات، ومع تايلاند لتمويل حافلات كهربائية في بانكوك، وهو المشروع الوحيد المكتمل حتى الآن.
فيما تأمل الدول النامية أن يوفر نظام تداولأرصدة الكربون فرصة لتمويل برامجها البيئية، يحذر الخبراء من أن الاعتماد الكبير على هذه الآلية قد يُضعف الجهود العالمية لخفض الانبعاثات بشكل حقيقي ومستدام.
أزمة الثقة ومطالب الدول النامية
في صلب الخلاف، يكمن الجدل حول زيادة التمويل المناخي للدول النامية. اقترحت رئاسة المؤتمر تعبئة 250 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2035، وهو مبلغ يتجاوز التمويل الحالي بأكثر من مرتين ونصف.
ومع احتدام الجدل، يبدو أن مؤتمر « كوب29 » يسير على خط رفيع بين النجاح والانهيار، ما يعكس تحديات تحقيق العدالة المناخية في مواجهة أزمة بيئية عالمية متفاقمة.