Uncategorized

كلمة رئيس الحكومة الموجهة إلى المشاركين في أشغال الاجتماع الدوري السابع لجمعية إدارات السجون بإفريقيا، والتي ألقتها نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية

بسم الله الرحمان الرحيم
حضرات السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
يطيب لي بداية أن أرحب بكم في بلدكم الثاني المغرب، وبهاته المؤسسة الإصلاحية الواقعة ضواحي الرباط العاصمة وأتمنى لكم جميعا مقاما طيبا بين ظهرانينا، كما أعرب لكم عن سرورنا واعتزازنا لاستضافة المملكة المغربية لأشغال المؤتمر السابع لإدارات السجون بإفريقيا بشراكة مع جمعية إدارات السجون الإفريقية تحت شعار” التكنولوجيا في إدارة المؤسسات السجنية في إفريقيا”، خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 16 ماي 2025، ولا تفوتني الفرصة دون تهنئة جمهورية السنغال الشقيقة على المجهودات التي بذلتها في إنجاح الدورة السادسة من هذا المؤتمر والذي مكن من تعزيز أواصر التعاون والتكامل بين دول إفريقيا كما أثمن عاليا الموضوع الذي اختير لهذه الدورة والذي يروم تحقيق أنظمة سجنية أكثر فعالية من خلال استغلال الفرص التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة لتطوير المنظومة السجنية بإفريقيا وتطوير حكامتها وتعزيز شفافيتها وبغاية توفير بيئة سجنية دامجة وآمنة على مختلف المستويات.
وكما هو معهود فالمغرب يولي اهتماما كبيرا لمثل هاته التظاهرات في سياق انفتاحه على عمقه الإفريقي، كما أنه مستعد على الدوام للعمل يدا في يد مع أشقائه في افريقيا من أجل بناء مستقبل مشترك قائم على التضامن وتبادل الخبرات، وحضوركم اليوم ضمن هذا الحدث الهام يعكس بجلاء التزامنا الجماعي لخدمة قارتنا ولتحقيق نهضتها في مختلف المجالات، ولأن التجربة علمتنا جميعا أن التأخر في مواكبة المستجدات الالكترونية والعلمية تكلف الدول

والشعوب غاليا، فإن العبرة تدعونا لمسايرتها في ظل أوضاع أصبح فيها التدبير على مختلف مستوياته مرتبط بالتكنولوجيا وبالبرمجيات وبواضعيها.
حضرات السيدات والسادة
إن تنظيم هذا المؤتمر الافريقي من حيث الحضور الوازن لمسؤولي وأطر إدارات السجون الأفارقة ولفعاليات ومختصين يعطي لهذا اللقاء بعدا عائليا مفعما بروح الأخوة الافريقية ويجسد عمق التعاون والتنسيق بين المغرب والقارة في إطار الرؤية الملكية لنموذج التعاون جنوب-جنوب، كما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بمناسبة القمة 28 للاتحاد الافريقي بأديس أبابا سنة 2017 حيث قال جلالته:” إن بلدي اختار تقاسم خبرته ونقلها إلى أشقائه الأفارقة.”
كما أن هذا المؤتمر يأتي في مرحلة يشهد فيها العالم تحولات تكنولوجية ورقمية شاملة لم يشهد لها نظير، ذلك أن الزحف السريع لأنظمة الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي ماض نحو إحداث تغييرات شاملة على الأنماط التدبيرية السائدة وانتظارات مختلف الفاعلين ولا سيما في مجال تطوير وتجويد المرفق السجني وأنظمة العدالة عموما والتي ستجد نفسها مطالبة بمواكبة هاته التحولات وإيجاد الحلول الملائمة للإشكاليات التي ستطرحها.
والمملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده ووعيا منها بهاته التحولات والمتغيرات التكنولوجية المتلاحقة، أولت أهمية بالغة لتطوير ورش الإدارة الالكترونية والتحديث الرقمي وذلك اعتبارا لأهميتها في تسهيل الخدمات والوظائف وتيسير إنجازها في إطار من الشفافية وحسن التدبير مستمدة مرجعيتها من دستور

المملكة ومن القوانين والتشريعات الوطنية وكذا من التوجيهات والخطب الملكية الصادرة في هذا الشأن، ونورد على سبيل المثال ما جاء في خطاب جلالته بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية
2016/2017 بتاريخ 04/10/2016: “كما يتعين تعميم الإدارة الالكترونية بطريقة مندمجة، تتيح الولوج المشترك للمعلومات بين مختلف القطاعات والمرافق”، كما أن جل فصول دستور 2011 تحمل في طياتها إشارات لمفاهيم التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة، وضرورة حماية الحياة الخاصة للأفراد، كما تكرست هاته العناية أيضا بإحداث وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة التي عهد إليها تمكين المواطنات والمواطنين من الاستفادة من الخدمات الرقمية على قدم المساواة مع ترسيخ الممارسات الجيدة ومواكبة الإدارات العمومية في ورش التحول الرقمي، إضافة إلى جعل المغرب بلدا منتجا للحلول الرقمية وخلق فرص الشغل عبر جذب الاستثمارات ومواكبة المواهب الرقمية الشابة وهي الأهداف المعلنة ضمن استراتيجية المغرب الرقمي لسنة 2030.
كما تبرز الأهمية ذاتها في انخراط المغرب ضمن المجهودات الدولية لحماية الأمن المعلوماتي من الممارسات المشينة وعلى رأسها الهجمات السيبرانية والتي تتعرض لها مختلف المرافق والمؤسسات وفي ظل تزايد حدة وتطور هاته الهجمات السيبرانية على المستوى العالمي فإن الأمر يستدعي منا التكاثف ورفع درجة اليقظة وتفعيل أنظمة المراقبة الأمنية ومراجعة أمن الأنظمة المعلوماتية.

كما يؤكد احتضان المملكة المغربية لفعاليات النسخة الثالثة من معرض ” جيتيكس إفريقيا 2025″ بمدينة مراكش خلال الفترة الممتدة من 14 إلى 16 أبريل 2025 وذلك تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده هذا التوجه بعد أن تحول هذا المعرض إلى قلب نابض للابتكار ومنصة لتلاقح الأفكار ولتوحيد التوجهات في هذا المجال على صعيد القارة الإفريقية وعلى الصعيد الدولي والذي يهدف إلى تحقيق انتقال رقمي شمولي وإرساء ثقافة رقمية جديدة تضع ضمن أولوياتها الارتقاء بالإدارة والنسيج المقاولاتي والمجتمع وبناء اقتصاد رقمي متطور وتنافسي، كما شكل هذا المؤتمر فرصة للتنسيق بين البلدان الإفريقية لبناء سيادة جماعية في مجال التكنولوجيا ومواجهة التحديات الجديدة في هذا المجال.
حضرات السيدات والسادة
لا يجادل أحد اليوم أن توظيف التكنولوجيا عموما وبالمرفق السجني على وجه الخصوص أصبحت أمرا حتميا لا مناص منها، بل إنها صارت تشكل رافعة أساسية لتأهيل المؤسسات السجنية وتحسين ظروف الإيواء وتعزيز الأمن وضمان التسيير الرشيد إلى جانب دعم برامج التأهيل وإعادة الإدماج، لذلك فإن هذا اللقاء يشكل محطة جديدة ومتجددة من المحطات الرامية إلى تعزيز الشراكة والتعاون بين الدول الإفريقية وتبادل الخبرات ومن أجل رفع التحدي للانخراط بشكل فعال ضمن منظومة التكنولوجيا التي يشهدها العالم.
ولا شك أن تناول مؤتمركم لهذا الموضوع، هو إدراك منكم لأهمية التحولات التكنولوجية التي تطرق بابنا وأهميتها القصوى على مستوى جميع المناحي التدبيرية بما في ذلك تدبير المؤسسات السجنية خاصة في ظل مجموعة من التحديات المتزايدة التي يفرضها تطور الجريمة العابرة للحدود وظاهرة الاكتظاظ بالسجون إضافة إلى مجموعة أخرى من الإشكالات

والتي تستدعي التصدي لها ومعالجتها من خلال استغلال ما توفره التكنولوجيا من مزايا والتي من شأنها تعزيز الأمن داخل المؤسسات السجنية وتحسين ظروف الاعتقال، كما أن استثمار هاته التكنولوجيا على مستوى المعدات وأنظمة المراقبة الالكترونية إضافة إلى ورش الرقمنة يشكلان دعائم فعالة في ورش الإصلاح الإداري وتطوير المرفق السجني وخطوة إيجابية أيضا نحو تحسين الأوضاع داخل السجون وحماية حقوق المعتقلين وضمان مراقبة فعالة لحركة السجناء إضافة إلى رصد تحركات الزوار والمرتفقين وتقييم أداء الموظفين.
حضرات السيدات والسادة،
إن المملكة المغربية التي جعلت من التعاون جنوب -جنوب خيارا استراتيجيا ثابتا يقوم على رؤية متكاملة تهدف إلى بناء مستقبل مشترك مع الدول الافريقية قائم على التضامن وتبادل الخبرات وتثمين الرأسمال البشري الافريقي لحريصة على تقاسم تجربتها في مختلف المجالات مع أشقائها الأفارقة ومن ضمنها تجربة تدبير المؤسسات السجنية من خلال إرساء وتطوير نموذج إداري متجدد يدمج التكنولوجيا بشكل متدرج ومسؤول في صلب السياسات العمومية.
وإني على يقين أن هذا المؤتمر وبفضل التنوع الغني للخبرات المشاركة فيه سيكون فرصة حقيقية لتبادل الخبرات والتجارب الناجحة في مجالات تهم توظيف التكنولوجيا لإدارة مرفق السجون، إضافة إلى اقتراح وإرساء آليات مبتكرة تدمج التكنولوجيا وتراعي الخصوصيات الوطنية وتستند إلى مبادئ الحكامة والاحترام الكامل لحقوق السجناء.

وختاما لا يفوتني أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى اللجنة المنظمة على حسن التنظيم وإلى المشاركين في برنامج هاته الدورة وكل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاح هاته التظاهرة المتميزة، كما أجدد الترحيب بضيوف المملكة الأجلاء متمنيا لأشغال هذا المؤتمر التوفيق والنجاح راجيا أن تصدر عنه توصيات عملية تسهم في دعم مسارات الإصلاح والتطوير في أنظمتنا السجنية الافريقية وتؤسس لمرحلة متجددة من التعاون الفعال في هذا المجال الحيوي.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير قارتنا الافريقية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى