
عبد الكريم علاوي-أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن ورش إصلاح المنظومة الصحية ليس مجرد خطوة تقنية ظرفية، بل خيار استراتيجي يعكس الالتزام الراسخ للدولة، تحت القيادة الملكية السامية، ببناء منظومة صحية وطنية قوية، عادلة، ومحصنة ضد التراجع.
وشدد أخنوش الذي كان يتحدث خلال اشغال الجلسة العامة المخصصة للاسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة والتي تناولت “المقاربة الحكومية لتعزيز الحق في الصحة وترسيخ مبادئ الكرامة والعدالة الاجتماعية”، على أن الحكومة جعلت من إصلاح قطاع الصحة أولوية قصوى، لما له من تأثير مباشر على كرامة المواطنين واستقرار البلاد، مؤكداً أن نجاح هذا الورش الحيوي يُعدّ تجسيداً فعلياً لمقتضيات الدستور وتفعيلًا للرؤية الملكية الهادفة إلى تعميم الحماية الاجتماعية وتحقيق العدالة المجالية والصحية.
وأوضح رئيس الحكومة أن التوجه نحو تعزيز السيادة الصحية ينبع من قناعة راسخة بأن الأمن الصحي يشكل أحد أعمدة السيادة الوطنية. وفي هذا السياق، أشار إلى أن مشروع تعميم التغطية الصحية، الذي بلغ مراحل متقدمة، يُمهد الأرضية لإصلاحات عميقة وهيكلية ترمي إلى تحسين جودة الخدمات وضمان تكافؤ الفرص في الولوج إليها.
ومن بين أبرز محاور الإصلاح التي استعرضها رئيس الحكومة، الرفع غير المسبوق في ميزانية قطاع الصحة بنسبة تفوق 65%، وإطلاق خطة شاملة لتأهيل 949 مركزًا صحيًا حضريًا، إلى جانب تقليص الضغط على المستشفيات الإقليمية والجهوية، وإحداث مستشفيات جامعية جديدة في جهات كلميم، أكادير، الراشيدية، والعيون.
كما أشار أخنوش إلى إطلاق برنامج لتأهيل خمسة مراكز استشفائية جامعية خلال السنتين المقبلتين، من ضمنها مستشفى مراكش، في إطار رؤية تروم تقريب الخدمات الطبية وتحسين جودتها.
وفي ما يتعلق بالموارد البشرية، أبرز رئيس الحكومة أن سد الخصاص يُعدّ أولوية قصوى، حيث تم توقيع اتفاقيات لتقليص العجز الحالي بحلول سنة 2026، مع إطلاق كليات جديدة للطب في كل من الراشيدية وكلميم، ورفع الطاقة الاستيعابية للمعاهد الصحية الخاصة بنسبة تصل إلى 75%.
وأشار إلى أن الحكومة راجعت مدة التكوين الطبي، وأقرت تدريبًا سريريًا معمقًا، ورفعت المناصب المالية في القطاع إلى 6.500 منصب خلال سنة 2025، ليصل العدد الإجمالي إلى أكثر من 23 ألف منصب منذ بداية الولاية.
وأكد أن تحسين أوضاع الأطر الصحية يشكّل محورًا أساسيًا في سياسة الحكومة، حيث تم الرفع من الأجور والتعويضات عن الأخطار، وإقرار تحفيزات خاصة للعاملين في المناطق النائية، إلى جانب إخراج قانون الوظيفة الصحية لدعم جاذبية القطاع العام وتقليص الفوارق مع القطاع الخاص.
ومن جهته، شدد أخنوش على أهمية رقمنة القطاع، موضحًا أن الحكومة أطلقت نظامًا معلوماتيًا صحيًا موحدًا على المستوى الوطني، يهدف إلى تبسيط الإجراءات وتحقيق التكامل بين المؤسسات الصحية، وتوفير قاعدة بيانات دقيقة تُمكن من اتخاذ قرارات مبنية على المعطيات الترابية والصحية الدقيقة.
وعلى صعيد الصناعة الدوائية، أبرز رئيس الحكومة أن الحكومة أطلقت سياسة طموحة تهدف إلى تحقيق السيادة الدوائية الوطنية، من خلال تخفيض أسعار أكثر من 4000 دواء، وتشجيع تصنيع الأدوية الجنيسة، وتطوير وحدات صناعية محلية، وتوقيع مذكرات تفاهم لتصنيع اللقاحات داخل المملكة.
وفي ختام كلمته، أكد عزيز أخنوش أن الحكومة لن تتراجع عن هذا المسار الإصلاحي العميق، مشددًا على أن “نجاح هذه الثورة الصحية لن يتحقق إلا بتظافر جهود كافة المتدخلين، وفي مقدمتهم مهنيي القطاع الصحي”، مضيفًا أن الهدف الأسمى هو بناء منظومة صحية وطنية عادلة، ناجعة، ومستدامة.