شرخ في قلب الأغلبية: هل تفجّرت أزمة صامتة بين “الأحرار” و”البام”؟

عبد الكريم علاوي-في الوقت الذي يفترض فيه أن تمثل الأغلبية الحكومية جبهة موحدة في مواجهة تحديات التنمية وتدبير القطاعات الحيوية، تتوالى المؤشرات التي تُظهر تصاعد التوتر الخفي – وأحيانًا العلني – بين قطبي الأغلبية(حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة) ما يطرح تساؤلات عميقة حول تماسك التحالف الثلاثي في الانفاس الاخيرة من عمر الولاية.
آخر فصول هذا التوتر إنفجر تحت قبة البرلمان، حين وجّه النائب البرلماني عن “البام” هشام المهاجري، انتقادات حادة لوزير الصحة التهراوي المحسوب على حزب “الأحرار”، متهمًا إياه بتقديم “أجوبة أقل كفاءة من برامج الذكاء الاصطناعي”، وهو تصريح اعتبره مراقبون سابقة هجومية من داخل الأغلبية على وزير في الحكومة.
وما بدا في ظاهر الجلسة كمداخلة برلمانية “ساخنة”، كشف في العمق عن أزمة ثقة داخل مكونات الأغلبية، خاصة بعدما رد رئيس فريق الأحرار محمد شوكي على المهاجري بنبرة صارمة، متهما إياه بـ”ازدواجية الخطاب” ومتسائلًا إن كانت مداخلته تأتي في سياق “حملة انتخابية مبكرة”.
هذا السجال ليس معزولًا عن سياق أوسع، فالعلاقات بين “الأحرار” و”البام” شهدت منذ تشكيل الحكومة هزّات مكتومة، كان أبرزها الجدل حول الهيمنة على القطاعات الوزارية، ثم خلافات تدبيرية في ملفات كبرى كـالتعليم، الصحة، والاستثمار. ورغم الحفاظ على “خطاب الانسجام”، فإن المواقف المعلنة والممارسات الواقعية كشفت عن تنافس خفي على النفوذ السياسي داخل الحكومة والجهات.
ويُعد هشام المهاجري أحد أبرز الوجوه التي تُجسّد هذا التوتر، إذ سبق أن تسبب في إحراج كبير لحزبه عندما وجّه انتقادات علنية لسياسات الحكومة، ما أدى إلى توقيفه من عضوية المكتب السياسي، قبل أن يعود مؤخرًا بلهجة أكثر تصعيدًا، توحي بأنه لم يُطوِ بعد صفحة المواجهة.
وبالنظر إلى موقع “البام” كحليف رئيسي داخل الحكومة، فإن مواقف من هذا النوع تُربك حسابات التنسيق الداخلي، وتُغذي حالة من الشك لدى الرأي العام حول جدية التحالف واستقراره.
الوقائع الأخيرة أعادت إلى الأذهان سؤالا ظل حاضرا منذ تشكيل الحكومة، هل التحالف الثلاثي قائم على أسس سياسية أم مجرد تحالف ظرفي ؟
ففي غياب رؤية سياسية موحدة، ووسط تحديات التنمية، تبدو الأغلبية أقرب إلى التعايش القسري منها إلى الانسجام الحقيقي، خاصة مع اقتراب العد العكسي نحو انتخابات 2026، التي قد تدفع كل حزب إلى إعادة تموضعه وحساب مكاسبه داخل الشارع.
وفي ظل هذا السياق، يُطرح السؤال بحدة هل نحن أمام تصدعات عرضية داخل الأغلبية، أم أن “شهر العسل الحكومي” انتهى فعلاً؟
الأسابيع المقبلة كفيلة بالكشف عن مآلات هذا التوتر ومدى القدرة عن اخماده قبل الانتشار، واندلاع الخلافات داخل الكواليس، حيث تُصاغ القرارات التي لا تُعلن دائما.