Uncategorized

هل تلجأ الأحزاب المغربية إلى “روسيكلاج” سياسي أم تراهن على وجوه جديدة؟

تحليل استشرافي على ضوء الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية المقبلة

عبد الكريم علاوي- مع دنو موعد الانتخابات التشريعية والجماعية المقررة في صيف 2026، بدأت ملامح الحركية السياسية تتشكل في كواليس الأحزاب المغربية، التي انطلقت في التحضير لاختيار مرشحيها وخوض غمار المنافسة على المقاعد والمجالس. غير أن سؤالًا يفرض نفسه بقوة على الساحة السياسية اليوم: هل ستستمر الأحزاب في تدوير نفس الأسماء والوجوه المألوفة ضمن ما يُعرف بـ”روسيكلاج السياسي”، أم ستغامر بالرهان على طاقات جديدة ووجوه من خارج الصندوق الحزبي التقليدي؟

إعادة تدوير النخب: خيار مألوف لكن مستهلك ، تاريخ الانتخابات بالمغرب يزخر بأمثلة عديدة عن اعتماد الأحزاب على نفس الوجوه، التي غالبًا ما يتم “تدويرها” بين الدوائر والمهام، حتى وإن تغيّرت ألوانها السياسية أو يافطاتها الحزبية. هذا التوجه، وإن كان يضمن نوعًا من “الجاهزية الانتخابية” بفضل معرفة هؤلاء بالأرضية المحلية وشبكاتهم، إلا أنه بات يواجه نقمة جماهيرية متزايدة بسبب تراجع الثقة في النخب التقليدية، وتكرار التجارب الفاشلة في التسيير المحلي والتشريعي.

في المقابل، ترتفع الأصوات داخل بعض الأحزاب للمطالبة بتجديد الدماء السياسية، من خلال فتح المجال أمام كفاءات جديدة قادرة على استعادة ثقة المواطن، لا سيما في ظل عزوف شريحة واسعة من الشباب عن العمل السياسي، وضعف المشاركة في الانتخابات. غير أن هذه الدعوات تصطدم أحيانًا بعقليات محافظة داخل الهياكل الحزبية، تعتبر التغيير تهديدًا لمواقعها ومصالحها.

ففي السنوات الأخيرة، لوحظ اتجاه بعض الأحزاب إلى استقطاب أسماء لامعة من خارج السياسة، خاصة في أوساط رجال الأعمال، والرياضيين، والفنانين، وناشطي المجتمع المدني. هذا الخيار قد يحقق بعض المكاسب التواصلية، لكنه لا يخلو من مخاطر توظيف الوجوه الجذابة كواجهة انتخابية دون مضمون سياسي أو كفاءة تدبيرية، ما يؤدي أحيانًا إلى خيبات كبرى في مرحلة ما بعد الانتخابات.

الرهان الأهم اليوم ليس فقط في استبدال الأسماء، بل في إعادة بناء الثقة عبر تقديم مرشحين يجمعون بين الكفاءة، والنزاهة، والقرب من هموم المواطنين. فالمواطن لم يعد مستعدًا للتصويت على أساس “الولاء القبلي أو الانتماء الحزبي”، بل يبحث عن من يستطيع إحداث فرق في حياته اليومية. لذلك، فإن التجديد لا يجب أن يكون شكليًا أو انتقائيًا، بل جزءًا من مشروع سياسي متكامل يعيد للممارسة الحزبية معناها ودورها التأطيري.

ان الاستحقاقات القادمة تمثل فرصة مفصلية للأحزاب المغربية لاختبار صدقيتها، ليس فقط في البرامج، ولكن في اختيار من يمثلها. فإما أن تختار استمرار “الروسيكلاج” واحتضان الوجوه التي استهلكها الشارع، وإما أن تراهن على نخب جديدة قد تعيد بعض الأمل في الديمقراطية التمثيلية. وفي كلتا الحالتين، الناخب سيكون هو الحكم الأخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى