24 ساعةسلايدرسياسةمجتمع

أجي تفهم أش واقع ..المغرب يتعرض لحرب إشاعة مقيتة

عبد الكريم علاوي –في الفترة الأخيرة لاحظ الجميع تصاعد حملات الاستهداف التي تستهدف المغرب والتي بدأت تحت ذريعة محاربة الفساد، فكانت في البداية تستهدف بعض السياسيين و رؤساء الأحزاب لكسب رضا الشعب، ثم انتقلت لتطال رموز مؤسسات الدولة المختلفة، قبل أن تشمل المؤسسات الأمنية والجيش المغربي، وأمس وصلت إلى الشخص الأعلى في الدولة وهو عاهل البلاد، هذا التطور في الهجمات يظهر أن أصحابها أصبحوا يتبعوا استراتيجية مدروسة تهدف إلى ضرب الثقة في المؤسسات الوطنية وزعزعة استقرار الدولة من خلال الإشاعات والتضليل.
وهذا ما سنحاول شرحه في هذا النص المقتضب ، إيمانا منا أن الدفاع على الوطن مسؤوليتنا جميعا .

تعتبر الحرب الناعمة أحد أكثر أشكال الصراع المعاصر خطورة وتعقيدا، لأنها لا تشن بالمدافع او الطائرات، وإنما تدار عبر الفضاء الرقمي، وفي هذا السياق يكتسي إنتاج الوهم و الأكاذيب وترويجها أهمية إستراتيجية قصوى، إذ يكفي إطلاق خبر مثير أو “معلومة سرية مضللة” تحدث صدمة في الرأي العام حتى وإن افتقدت إلى الحد الأدنى من المصداقية العلمية والمنطقية لكي تحقق غايتها في زرع الشك وزعزعة الثقة في المجتمع.

آلية هذا النمط من الحروب تقوم على ما يمكن تسميته بـ”التأثير اللحظي” فالخبر الصادم حين ينشر لأول مرة يعطل ملكة النقد لدى المتلقي ويغريه بسرعة التفاعل معه ومشاركته، قبل أن يستعيد أدواته العقلية للتحقق و التمحيص ثم إدراك عدم صحة الخبر، إن قوة هذه الأخبار لا تكمن في براعة تأليفها وإننا في قدرتها على إحداث المفاجاة وفي توظيف عنصر المباغتة الذي يربك الأفراد والمجتمع.
ويكتمل المشهد عندما تتولى النخب نفسها ـ من معارضين وإعلاميين ومؤثرين ـ نشر هذا الخطاب دون تمحيص، فتحوله من مجرد معلومة مشبوهة الى “قضية” متداولة، هنا تتجلى خطورة الحرب الناعمة: فهي لا تكتفي بإستهداف المؤسسات الرسمية وإنما تختبر ايضا مناعة المعارضة وقدرتها على التحقق، وفي كثير من الأحيان تنجح هذه الحملات في تحويل الأشخاص إلى أدوات غير واعية في إعادة إنتاج التضليل وهو ما يعمق أثره ويضاعف نتائجه.

إن سحب وحذف المعلومة بعد نشرها يمثل بدوره جزءا من الاستراتيجية، فحتى لو تم حذف الخبر أو نفيه لاحقا، فإنه يكون قد أدى وظيفته الاساسية وهي زعزعة اليقين وإثارة الشكوك، ويظل الأثر النفسي والفكري للصدمة الاولى قائما لأن الذاكرة الجماعية لا تمحو بسهولة ما تسمعه أو تقرأه، حتى بعد ان يتضح بطلانه.
إن خطورة هذه الممارسات لا تكمن في مضمونها وحده، ولكن في المنهج الذي تعكسه فهو منهج يقوم على تحويل المعلومة من أداة إلى سلاح في إدارة الصراعات، لذا فإن مواجهة هذا النمط من الحرب تتطلب بناء وعي نقدي راسخ لدى الشعب، وإرساء ثقافة إعلامية قادرة على التمييز بين المعلومات العلمية الموثوقة وما يسوق لها من إدعاءات مضللة، فالمجتمع الذي لا يمتلك أدوات التحقق والمعرفة يبقى عرضة للتضليل، ويصبح دون وعي جزءا من استراتيجيات خصومه لضرب الدولة.

وبذلك، فإن الحرب الناعمة تتجاوز مجرد الصراع على الحقائق لتصبح وسيلة لضرب ركائز الدولة بما فيها المؤسسات الأمنية والسياسية والإدارية، حيث تستغل المعلومات والتقارير المضللة لإرباك الرأي العام وتشويش وعيه، وتحويل المجتمع الى وسيلة غير مباشرة في زعزعة استقرار الدولة وتعطيل وظائف مؤسساتها.
وهنا يمكن استحضار أطروحات نعوم تشومسكي حول “صناعة القبول” و”إدارة الرأي العام”، إذ تصبح الإشاعة وسيلة لتوجيه الجماهير بطريقة غير مباشرة عبر خلق مناخ من الشك فيها، فيضعف بذلك قدرتها على التمييز ويجعلها أكثر قابلية للتأثر بالمعلومات الكاذبة والمضللة التي تهدف الى أضعاف البنى الأساسية للدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى